ابن عثمان عن حمزة بن هانئ عن أبي أمامة موقوفا. قوله تعالى (وإنه على ذلك لشهيد) قال قتادة وسفيان الثوري وإن الله على ذلك لشهيد ويحتمل أن يعود الضمير على الانسان قاله محمد بن كعب القرظي فيكون تقديره وإن الانسان على كونه كنودا لشهيد أي بلسان حاله أي ظاهر ذلك عليه في أقواله وأفعاله كما قال تعالى " ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر ". وقوله تعالى (وإنه لحب الخير لشديد) أي وإنه لحب الخير وهو المال لشديد وفيه مذهبان " أحدهما " أن المعنى وإنه لشديد المحبة للمال " والثاني " وإنه لحريص بخيل من محبة المال وكلاهما صحيح. ثم قال تبارك وتعالى مزهدا في الدنيا ومرغبا في الآخرة ومنبها على ما هو كائن بعد هذه الحال وما يستقبله الانسان من الأهوال (أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور) أي أخرج ما فيها من الأموات (وحصل ما في الصدور) قال ابن عباس وغيره يعني أبرز وأظهر ما كانوا يسرون في نفوسهم (إن ربهم بهم يومئذ لخبير) أي لعالم بجميع ما كانوا يصنعون ويعملون ومجازيهم عليه أوفر الجزاء ولا يظلم مثقال ذرة. آخر تفسير سورة العاديات ولله الحمد والمنة.
سورة القارعة بسم الله الرحمن الرحيم القارعة (1) ما القارعة (2) وما أدراك ما القارعة (3) يوم يكون الناس كالفراش المبثوث (4) وتكون الجبال كالعهن المنفوش (5) فأما من ثقلت موازينه (6) فهو في عيشة راضية (7) وأما من خفت موازينه 8) فأمه هاوية (9) وما أدراك ما هيه (10) نار حامية (11) القارعة من أسماء القيامة كالحاقة والطامة والصاخة والغاشية وغير ذلك. ثم قال تعالى معظما ومهولا لشأنها " وما أدراك ما القارعة ثم فسر ذلك بقوله " يوم يكون الناس كالفراش المبثوث " أي في انتشارهم وتفرقهم وذهابهم ومجيئهم من حيرتهم مما هم فيه كأنهم فراش مبثوث كما قال تعالى في الآية الأخرى " كأنهم جراد منتشر " وقوله تعالى (وتكون الجبال كالعهن المنفوش) يعني قد صارت كأنها الصوف المنفوش الذي قد شرع في الذهاب والتمزق قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة وعطاء الخراساني والضحاك والسدي " العهن " الصوف ثم أخبر تعالى عما يؤول إليه عمل العاملين وما يصيرون إليه من الكرامة والإهانة بحسب أعمالهم فقال (فأما من ثقلت موازينه) أي رجحت حسناته على سيئاته (فهو في عيشة راضية) يعني في الجنة (وأما من خفت موازينه) أي رجحت سيئاته على حسناته وقوله تعالى (فأمه هاوية) قيل معناه فهو ساقط هاو بأم رأسه في نار جهنم وعبر عنه بأمه يعني دماغه روى نحو هذا عن ابن عباس وعكرمة وأبي صالح وقتادة وقال قتادة:
يهوى في النار على رأسه وكذا قال أبو صالح يهوون في النار على رؤوسهم وقيل معناه فأمه التي يرجع إليها ويصير في المعاد إليها هاوية وهي اسم من أسماء النار قال ابن جرير وإنما قيل للهاوية أمه لأنه لا مأوى له غيرها.
وقال ابن زيد الهاوية النار التي هي أمه ومأواه التي يرجع إليها ويأوي إليها وقرأ " ومأواهم النار " قال ابن أبي حاتم وروي عن قتادة أنه قال النار وهي مأواهم ولهذا قال تعالى مفسرا للهاوية " وما أدراك ما هيه نار حامية ".
قال ابن جرير حدثنا ابن عبد الاعلى حدثنا ثور عن معمر عن الأشعث بن عبد الله الأعمى قال: إذا مات المؤمن ذهب بروحه إلى أرواح المؤمنين فيقولون روحوا أخاكم فإنه كان في غم الدنيا قال ويسألونه وما فعل فلان؟ فيقول مات أو ما جاءكم فيقولون ذهب به إلى أمه الهاوية وقد رواه ابن مردويه من طريق أنس بن مالك مرفوعا بأبسط