حديث غريب جدا وفي رفعه نظر وقد يكون موقوفا على ابن عباس ويكون مما تلقاه من الإسرائيليات والله أعلم وتوقف ابن جرير فلم يقطع بواحد من هذه الأقوال كلها والأشبه عنده والله أعلم أنهم بنو آدم قوله تعالى " إلا من أذن له الرحمن " كقوله " يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه " وكما ثبت في الصحيح " ولا يتكلم يومئذ إلا " الرسل " وقوله تعالى " وقال صوابا " أي حقا ومن الحق لا إله إلا الله كما قاله أبو صالح وعكرمة. وقوله تعالى " ذلك اليوم الحق " أي الكائن لا محالة " فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا " أي مرجعا وطريقا يهتدي إليه ومنهجا يمر به عليه وقوله تعالى " إنا أنذرناكم عذابا قريبا " يعني يوم القيامة لتأكد وقوعه صار قريبا لان كل ما هو آت آت " يوم ينظر المرء ما قدمت يداه " يعرض عليه جميع أعماله خيرها وشرها قديمها وحديثها كقوله تعالى " ووجدوا ما عملوا حاضرا " وكقوله تعالى " ينبأ الانسان يومئذ بما قدم وأخر " " ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا " أي يود الكافر يومئذ أنه كان في الدار الدنيا ترابا ولم يكن خلق ولا خرج إلى الوجود وذلك حين عاين عذاب الله ونظر إلى أعماله الفاسدة قد سطرت عليه بأيدي الملائكة السفرة الكرام البررة وقيل إنما يود ذلك حين يحكم الله بين الحيوانات التي كانت في الدنيا فيفصل بينها بحكمه العدل الذي لا يجور حتى إنه ليقتص للشاة الجماء من القرناء فإذا فرغ من الحكم بينها قال لها كوني ترابا فتصير ترابا فعند ذلك يقول الكافر " يا ليتني كنت ترابا " أي كنت حيوانا فأرجع إلى التراب وقد ورد معنى هذا في حديث الصور المشهور وورد فيه آثار عن أبي هريرة وعبد الله بن عمرو وغيرهما آخر تفسير سورة النبأ ولله الحمد والمنة وبه التوفيق والعصمة.
سورة النازعات بسم الله الرحمن الرحيم والنازعات غرقا (1) والناشطات نشطا (2) والسابحات سبحا (3) فالسابقات سبقا (4) فالمدبرات أمرا (5) يوم ترجف الراجفة (6) تتبعها الرادفة (7) قلوب يومئذ واجفة (8) أبصارها خاشعة (9) يقولون أإنا لمردودون في الحافرة (10) أإذا كنا عظاما نخرة (11) قالوا تلك إذا كرة خاسرة (12) فإنما هي زجرة واحدة (13) فإذا هم بالساهرة (14) قال ابن مسعود وابن عباس ومسروق وسعيد بن جبير وأبو صالح وأبو الضحى والسدي " والنازعات غرقا " الملائكة يعنون حين تنزع أرواح بني آدم فمنهم من تأخذ روحه بعسر فتغرق في نزعها ومنهم من تأخذ روحه بسهولة وكإنما حلته من نشاط وهو قوله " والناشطات نشطا " قاله ابن عباس وعن ابن عباس " والنازعات " هي أنفس الكفار تنزع ثم تنشط ثم تغرق في النار. رواه ابن أبي حاتم وقال مجاهد " والنازعات غرقا " الموت وقال الحسن وقتادة " والنازعات غرقا والناشطات نشطا " هي النجوم وقال عطاء بن أبي رباح في قوله تعالى والنازعات والناشطات هي القسي في القتال والصحيح الأول وعليه الأكثرون وأما قوله تعالى (والسابحات سبحا) فقال ابن مسعود هي الملائكة وروي عن علي ومجاهد وسعيد بن جبير وأبي صالح مثل ذلك وعن مجاهد " والسابحات سبحا " الموت وقال قتادة هي النجوم وقال عطاء بن أبي رباح هي السفن. وقوله تعالى (فالسابقات سبقا) روي عن علي ومسروق ومجاهد وأبي صالح والحسن البصري يعني الملائكة قال