فأطاعوه " أي استخف عقولهم فدعاهم إلى الضلالة فاستجابوا له " إنهم كانوا قوما فاسقين " قال الله تعالى " فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين " علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما آسفونا أسخطونا وقال الضحاك عنه أغضبونا وهكذا قال ابن عباس أيضا ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب القرظي وقتادة والسدي وغيرهم من المفسرين وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبيد الله بن أخي ابن وهب حدثنا عمي حدثنا ابن لهيعة عن عقبة بن مسلم التجيبي عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا رأيت الله تبارك وتعالى يعطي العبد ما يشاء وهو مقيم على معاصيه فإنما ذلك استدراج منه له " ثم تلا صلى الله عليه وسلم " فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين " وحدثنا أبي حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني حدثنا قيس بن الربيع عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال كنت عند عبد الله رضي الله عنه فذكر عنده موت الفجأة فقال تخفيف على المؤمن وحسرة على الكافر ثم قرأ رضي الله عنه " فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين " وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وجدت النقمة مع الغفلة يعني قوله تبارك وتعالى " فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين " وقوله سبحانه وتعالى " فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين " قال أبو مجلز سلفا لمثل من عمل بعملهم وقال هو ومجاهد ومثلا أي عبرة لمن بعدهم والله سبحانه وتعالى الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب * ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون (57) وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون (58) إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبنى إسرائيل (59) ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون (60) وإنه لعلم للساعة فلا تمترون بها واتبعون هذا صراط مستقيم (61) ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين (62) ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولابين لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون (63) إن الله هو ربى وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم (64) فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم (65) يقول تعالى مخبرا عن تعنت قريش في كفرهم وتعمدهم العناد والجدل " ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون " قال غير واحد عن ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وعكرمة والسدي والضحاك يضحكون أي أعجبوا بذلك وقال قتادة يجزعون ويضحكون وقال إبراهيم النخعي يعرضون وكأن السبب في ذلك ما ذكره محمد بن إسحاق في السيرة حيث قال: وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني يوما مع الوليد بن المغيرة في المسجد فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم وفي المجلس غير واحد من رجال قريش فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض له النضر بن الحارث فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه ثم تلا عليه وعليهم " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون " الآيات. ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل عبد الله بن الزبعري التميمي حتى جلس فقال الوليد بن المغيرة له: والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب وما قعد وقد زعم محمد أنا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم فقال عبد الله بن الزبعري أما والله لو وجدته لخصمته سلوا محمدا أكل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده؟ فنحن نعبد الملائكة واليهود تعبد عزيرا والنصارى تعبد المسيح عيسى بن مريم فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعري ورأوا أنه قد احتج وخاصم فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " كل
(١٤١)