أم آتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون (21) بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على اثارهم مهتدون (22) وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون (23) * قال أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون (24) فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين (25) يقول تعالى منكرا على المشركين في عبادتهم غير الله بلا برهان ولا دليل ولا حجة " أم آتيناهم كتابا من قبله " أي من قبل شركهم " فهم به مستمسكون " أي فيما هم فيه أي ليس الامر كذلك كقوله عز وجل " أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون " أي لم يكن ذلك. ثم قال تعالى " بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون " أي ليس لهم مستند فيما هم فيه من الشرك سوى تقليد الآباء والأجداد بأنهم كانوا على أمة والمراد بها الذين ههنا وفي قوله تبارك تعالى " إن هذه أمتكم أمة واحدة " وقولهم " وإنا على آثارهم " أي ورائهم " مهتدون " دعوى منهم بلا دليل ثم بين جل وعلا أن مقالة هؤلاء قد سبقهم إليها أشباههم ونظراؤهم من الأمم السالفة المكذبة للرسل تشابهت قلوبهم فقالوا مثل مقالتهم " كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون * أتواصوا به بل هم قوم طاغون " وهكذا قال ههنا " وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون " ثم قال عز وجل " قل " أي يا محمد لهؤلاء المشركين " أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون " أي ولو علموا وتيقنوا صحة ما جئتهم به لما انقادوا لذلك لسوء قصدهم ومكابرتهم للحق وأهله قال تعالى " فانتقمنا منهم " أي من الأمم المكذبة بأنواع من العذاب كما فصله تبارك وتعالى في قصصهم " فانظر كيف كان عاقبة المكذبين " أي كيف بادوا وهلكوا وكيف نجى الله المؤمنين.
وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني برآء مما تعبدون (26) إلا الذي فطرني فإنه سيهدين (27) وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون (28) بل متعت هؤلاء وآباءهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين (29) ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون (30) وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم (31) أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمت ربك خير مما يجمعون (32) ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمان لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون (33) ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكؤن (34) وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين (35) يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله وخليله إمام الحنفاء ووالد من بعث بعده من الأنبياء الذي تنتسب إليه قريش في نسبها ومذهبها أنه تبرأ من أبيه وقومه في عبادتهم الأوثان فقال " إنني براء مما تعبدون إلا الذي فطرني فإنه سيهدين * وجعلها كلمة باقية في عقبة " أي هذه الكلمة وهي عبادة الله وحده لا شريك له وخلع ما سواه من