بظلام للعبيد " ونادوا يا مالك " وهو خازن النار قال البخاري حدثنا حجاج بن منهال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر " ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك " أي يقبض أرواحنا فيريحنا مما نحن فيه فإنهم كما قال تعالى " لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها " وقال عز وجل " ويتجنبها الأشقى الذي يصلى النار الكبرى * ثم لا يموت فيها ولا يحيا " فلما سألوا أن يموتوا أجابهم مالك " قال إنكم ماكثون " قال ابن عباس مكث ألف سنة ثم قال إنكم ماكثون رواه ابن أبي حاتم أي لا خروج لكم منها ولا محيد لكم عنها ثم ذكر سبب شقوتهم وهو مخالفتهم للحق ومعاندتهم له فقال " لقد جئناكم بالحق " أي بيناه لكم ووضحناه وفسرناه " ولكن أكثركم للحق كارهون " أي ولكن كانت سجاياكم لا تقبله ولا تقبل عليه وإنما تنقاد للباطل وتعظمه وتصد عن الحق وتأباه وتبغض أهله فعودوا على أنفسكم بالملامة واندموا حيث لا تنفعكم الندامة ثم قال تبارك وتعالى " أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون " قال مجاهد أرادوا كيد شر فكدناهم وهذا الذي قاله مجاهد كما قال تعالى " ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون " وذلك لان المشركين كانوا يتحيلون في رد الحق بالباطل بحيل ومكر يسلكونه فكادهم الله تعالى ورد وبال ذلك عليهم ولهذا قال " أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم " أي سرهم وعلانيتهم " بلى ورسلنا لديهم يكتبون " أي نحن نعلم ما هم عليه والملائكة أيضا يكتبون أعمالهم صغيرها وكبيرها قل إن كان للرحمان ولد فأنا أول العابدين (81) سبحانه رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون (82) فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون (83) وهو الذي في السماء إلاه وفي الأرض إلاه وهو الحكيم العليم (84) وتبارك الذي له ملك السماوات وما بينهما وعنده علم الساعة وإليه ترجعون (85) ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون (86) ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون (87) وقليه يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون (88) فاصفح عنهم سلام فسوف يعلمون (89) يقول تعالى " قل " يا محمد " إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين " أي لو فرض هذا لعبدته على ذلك لاني عبد من عبيده مطيع لجميع ما يأمرني به ليس عندي استكبار ولا إباء عن عبادته فلو فرض هذا لكان هذا ولكن هذا ممتنع في حقه تعالى والشرط لا يلزم منه الوقوع ولا الجواز أيضا كما قال عز وجل " لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار " وقال بعض المفسرين في قوله تعالى " فأنا أول العابدين " أي الآنفين ومنهم سفيان الثوري والبخاري حكاه فقال ويقال أول العابدين الجاحدين من عبد يعبد وذكر ابن جرير لهذا القول من الشواهد ما رواه عن يونس بن عبد الاعلى عن ابن وهب حدثني ابن أبي ذئب عن أبي قسيط عن بعجة بن بدر الجهني أن امرأة منهم دخلت على زوجها وهو رجل منهم أيضا فولدت له في ستة أشهر فذكر ذلك زوجها لعثمان بن عفان رضي الله عنه فأمر بها أن ترجم فدخل عليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال إن الله تعالى يقول في كتابه " وحمله وفصاله ثلاثون شهرا " وقال عز وجل " وفصاله في عامين " قال فوالله ما عبد عثمان رضي الله عنه أن بعث إليها ترد قال يونس قال ابن وهب عبد استنكف وقال الشاعر:
متى ما يشأ ذو الود يصرم خليله ويعبد عليه لا محالة ظالما