خصمون " وقد رواه الترمذي وابن ماجة وابن جرير من حديث حجاج بن دينار به ثم قال الترمذي حسن صحيح لا نعرفه إلا من حديثه كذا قال وقد روي من وجه آخر عن أبي أمامة رضي الله عنه بزيادة فقال ابن أبي حاتم حدثنا حميد بن عياش الرملي حدثنا مؤمل حدثنا حماد أخبرنا ابن مخزوم عن القاسم بن أبي عبد الرحمن السامي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال حماد لا أدري رفعه أم لا؟ قال: ما ضلت أمة بعد نبيها إلا كان أول ضلالها التكذيب بالقدر وما ضلت أمة بعد نبيها إلا أعطوا الجدل ثم قرأ " ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون " وقال ابن جرير أيضا حدثنا أبو ريب حدثنا أحمد بن عبد الرحمن عن عبادة بن عباد عن جعفر عن القاسم عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يتنازعون في القرآن فغضب غضبا شديدا حتى كأنما صب على وجهه الخل ثم قال صلى الله عليه وسلم " لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض فإنه ما ضل قوم قط إلا أوتوا الجدل " ثم تلا صلى الله عليه وسلم " ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون " قوله تعالى " إن هو إلا عبد أنعمنا عليه " يعني عيسى عليه الصلاة والسلام ما هو إلا عبد من عباد الله عز وجل أنعم الله عليه بالنبوة والرسالة " وجعلناه مثلا لبني إسرائيل " أي دلالة وحجة وبرهانا على قدرتنا على ما نشاء وقوله عز وجل " ولو نشاء لجعلنا منكم " أي بدلكم " ملائكة في الأرض يخلفون " قال السدي يخلفونك فيها وقال ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة يخلف بعضهم بعضا كما يخلف بعضكم بعضا وهذا القول يستلزم الأول وقال مجاهد يعمرون الأرض بدلكم قوله سبحانه وتعالى " وإنه لعلم للساعة " تقدم تفسير ابن إسحاق أن المراد من ذلك ما بعث به عيسى عليه الصلاة والسلام من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وغير ذلك من الأسقام وفي هذا نظر وأبعد منه ما حكاه قتادة عن الحسن البصري وسعيد بن جبير أن الضمير في وإنه عائد على القرآن بل الصحيح أنه عائد على عيسى عليه الصلاة والسلام فإن السياق في ذكره ثم المراد بذلك نزوله قبل يوم القيامة كما قال تبارك وتعالى " وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته " أي قبل موت عيسى عليه الصلاة والسلام " ثم يوم القيامة يكون عليهم شهيدا " ويؤيد هذا المعنى القراءة الأخرى " وإنه لعلم للساعة " أي أمارة ودليل على وقوع الساعة قال مجاهد " وإنه لعلم للساعة " أي آية للساعة خروج عيسى ابن مريم عليه السلام قبل يوم القيامة وهكذا روي عن أبي هريرة وابن عباس وأبي العالية وأبي مالك وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك وغيرهم وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر بنزول عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة إماما عادلا وحكما مقسطا. وقوله تعالى " فلا تمترون بها " أي لا تشكوا فيها إنها واقعة وكائنة لا محالة " واتبعون " أي فيما أخبركم به " هذا صراط مستقيم * ولا يصدنكم الشيطان " أي عن اتباع الحق " إنه لكم عدو مبين * ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة " أي بالنبوة " ولابين لكم بعض الذي تختلفون فيه " قال ابن جرير يعني من الأمور الدينية لا الدنيوية وهذا الذي قاله حسن جيد ثم رد قول من زعم أن بعض ههنا بمعنى كل واستشهد بقول لبيد الشاعر حيث قال:
تزال أمكنة إذا لم أرضها أو يتعلق بعض النفوس حمامها وأولوه علي أنه أراد جميع النفوس، قال ابن جرير وإنما أراد نفسه فقط وعبر بالبعض عنها وهذا الذي قاله محتمل. وقوله عز وجل " فاتقوا الله " أي فيما أمركم به " وأطيعون " فيما جئتكم به " إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم " أي أنا وأنتم عبيد له فقراء إليه مشتركون في عبادته وحده لا شريك له " هذا صراط مستقيم " أي هذا الذي جئتكم به هو الصراط المستقيم وهو عبادة الرب جل وعلا وحده. وقوله سبحانه وتعالى " فاختلف الأحزاب من بينهم " أي اختلفت الفرق وصاروا شيعا فيه منهم من يقر بأنه عبد الله ورسوله وهو الحق وممن يدعي أنه ولد الله ومنهم من يقول إنه الله تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا. ولهذا قال تعالى " فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم "