ولو لم يحصل البعث لكان هذا الخلق لعبا وعبثا، وقد مر تقرير هذه لطريقة بالاستقصاء في أول سورة يونس، وفي آخر سورة * (قد أفلح المؤمنون) * حيث قال: * (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا) * (المؤمنون: 115) وفي سورة ص حيث قال: دوما خلقنا السماء والأرض وما بينهم باطلا) * (ص: 27).
ثم قال: * (ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون) * والمراد أهل مكة، وأما استدلال المعتزلة بهذه الآية على أنه تعالى لا يخلق الكفر والفسق ولا يريدهما فهو مع جوابه معلوم، والله أعلم.
قوله تعالى * (إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين * يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون * إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم * إن شجرة الزقوم * طعام الاثيم * كالمهل يغلى فى البطون * كغلى الحميم * خذوه فاعتلوه إلى سوآء الجحيم * ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم * ذق إنك أنت العزيز الكريم * إن هذا ما كنتم به تمترون) * اعلم أن المقصود من قوله * (وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين) * (الدخان: 38) إثبات القول بالبعث والقيامة، فلا جرم ذكر عقيبه قوله * (إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين) * وفي تسمية يوم القيامة بيوم الفصل وجوه الأول: قال الحسن: يفصل الله فيه بين أهل الجنة وأهل النار الثاني: يفصل في الحكم والقضاء بين عباده الثالث: أنه في حق المؤمنين يوم الفصل، بمعنى أنه يفصل بينه وبين كل ما يكرهه، وفي حق الكفار، بمعنى أنه يفصل بينه وبين كل ما يريده، الرابع: أنه يظهر حال كل أحد كما هو، فلا يبقى في حاله ريبة ولا شبهة، فتنفصل الخيالات والشبهات، وتبقى الحقائق والبينات، قال ابن عباس رضي الله عنهما: المعنى أن يوم يفصل الرحمن بين عبداه ميقاتهم أجمعين البر والفاخر، ثم وصف ذلك اليوم فقال: * (يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا) * يريد قريب