فقال صاحب " الكشاف " أجرى سواء مجرى مستويا، فارتفع محياهم ومماتهم على الفاعلية وكان مفردا غير جملة، ومن قرأ * (ومماتهم) * بالنصب جعل * (محياهم ومماتهم) * ظرفين كمقدم الحاج، وخفوق النجم، أي سواء في محياهم وفي مماتهم، قال أبو علي من نصب سواء جعل المحيا والممات بدلا من الضمير المنصوب في نجعلهم فيصير التقدير أن نجعله (محياهم ومماتهم سواء، قال ويجوز أن نجعله حالا ويكون المفعول الثاني هو الكاف في قوله * (كالذين) *.
المسألة الثانية: اختلفوا في المراد بقوله * (محياهم ومماتهم) * قال مجاهد عن ابن عباس يعني أحسبوا أن حياتهم ومماتهم كحياة المؤمنين وموتهم، كلا فإنهم يعيشون كافرين ويموتون كافرين والمؤمنون يعيشون مؤمنين ويموتون مؤمنين، وذلك لأن المؤمن ما دام يكون في الدنيا فإنه يكون وليه هو الله وأنصاره المؤمنون وحجة الله معه، والكافر بالضد منه، كما ذكره في قوله * (وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض) * وعند القرب إلى الموت، فإن حال المؤمن ما ذكره في قوله تعالى: * (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة) * (النمل: 32) وحال الكافر ما ذكره في قوله: * (الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) * (النحل: 28 ) وأما في القيامة فقال تعالى: * (وجوه يومئذ مسفرة * ضاحكة مستبشرة * ووجوه يومئذ عليها غبرة * ترهقها قترة) * (عبس: 38 - 41) فهذا هو الإشارة إلى بيان وقوع التفاوت بين الحالتين والوجه الثاني: في تأويل الآية أن يكون المعنى إنكار أن يستووا في الممات كما استووا في الحياة، وذلك لأن المؤمن والكافر قد يستوي محياهم في الصحة والرزق والكفاية بل قد يكون الكافر أرجح حالا من المؤمن، وإنما يظهر الفرق بينهما في الممات والوجه الثالث: في التأويل أن قوله * (سواء محياهم ومماتهم) * مستأنف على معنى أن نحيا المسيئين ومماتهم سواء فكذلك محيا المحسنين ومماتهم، أي كل يموت على حسب ما عاش عليه، ثم إنه تعالى صرح بإنكار تلك التسوية فقال: * (ساء ما يحكمون) * وهو ظاهر.
قوله تعالى * (وخلق الله السماوات والارض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون * أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون * وقالوا ما هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنآ إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون * وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بينات ما كان حجتهم إلا