الفائدة الرابعة: أن قوله * (وربكم) * فيه بعث لقوم موسى عليه السلام على أن يقتدوا به في الاستعاذة بالله، والمعنى فيه أن الأرواح الطاهرة القوية إذا تطابقت على همة واحدة قوي ذلك التأثير جدا، وذلك هو السبب الأصلي في أداء الصلوات في الجماعات. الفائدة الخامسة: أنه لم يذكر فرعون في هذا الدعاء، لأنه كان قد سبق له حق تربية على موسى من بعض الوجوه، فترك التعيين رعاية لذلك الحق. الفائدة السادسة: أن فرعون وإن كان أظهر ذلك الفعل إلا أنه لا فائدة في الدعاء على فرعون بعينه، بل الأولى الاستعاذة بالله في دفع كل من كان موصوفا بتلك الصفة، حتى يدخل فيه كل من كان عدوا سواء كان مظهرا لتلك العداوة أو كان مخفيا لها. الفائدة السابعة: أن الموجب للاقدام على إيذاء الناس أمران أحدهما: كون الإنسان متكبرا قاسي القلب والثاني: كونه منكرا للبعث والقيامة، وذلك لأن التكبر القاسي قد يحمله طبعه على إيذاء الناس إلا أنه إذا كان مقرا بالعبث والحساب صار خوفه من الحساب مانعا له من الجري على موجب تكبره، فإذا لم يحصل عنده الإيمان بالعبث والقيامة كانت الطبيعة داعية له إلى الإيذاء والمانع وهو الخوف من السؤال والحساب زائلا، وإذا كان الخوف من السؤال والحساب زائلا فلا جرم تحصل القسوة والإيذاء. الفائدة الثامنة: أن فرعون لما قال: * (ذروني أقتل موسى) * قال على سبيل الاستهزاء * (ليدع ربه) * فقال موسى ن الذي ذكرته يا فرعون بطريق الاستهزاء هو الدين المبين والحق المنير، وأنا أدعو ربي وأطلب منه أن يدفع شرك عني، وسترى أن ربي كيف يقهرك، وكيف يسلطني عليك.
واعلم أن من أحاط عقله بهذه الفوائد علم أنه لا طريق أصلح ولا أصوب في دفع كيد الأعداء وإبطال مكرهم إلا الاستعاذة بالله والرجوع إلى حفظ الله والله أعلم.
قوله تعالى * (وقال رجل مؤمن من ءال فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله وقد جآءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذى يعدكم إن الله لا يهدى من هو مسرف كذاب) *.