أنه عمل صالح أو فاسد، فإن الحسد يعمي قلوبهم، فيعتقدون في الجهل والتقليد أنه محض المعرفة، وفي الحسد والحقد والكبر أنه محض الطاعة، فهذا هو المراد من قوله * (قليلا ما تتذكرون) * قرأ عاصم وحمزة والكسائي * (تتذكرون) * بالتاء على الخطاب، أي قل لهم قليلا ما تتذكرون، والباقون بالياء على الغيبة. ولما قرر الديل الدال على إمكان وجود يوم القيامة، أردفه بأن أخبر عن وقوعها ودخولها في الوجود فقال: * (إن الساعة لآتية لا ريب فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون) * والمراد بأكثر الناس الكفار الذين ينكرون البعث والقيامة.
قوله تعالى * (وقال ربكم ادعونى أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم داخرين * الله الذى جعل لكم اليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون * ذلكم الله ربكم خالق كل شىء لا إله إلا هو فأنى تؤفكون * كذلك يؤفك الذين كانوا بايات الله يجحدون) *.
اعلم أنه تعالى لما بين أن القوم بالقيامة حق وصدق، وكان من المعلوم بالضرورة أن الإنسان لا ينتفع في يوم القيامة إلا بطاعة الله تعالى، لا جرم كان الاشتغال بالطاعة من أهم المهمات، ولما كان أشرف أنواع الطاعات الدعاء والتضرع، لا جرم أمر الله تعالى به في هذه الآية فقال: * (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) * واختلف الناس في المراد بقوله * (ادعوني) * فقيل إنه الأمر بالدعاء، وقيم إنه الأمر بالعبادة، بدليل أنه قال بعده * (الذين يستكبرون عن عبادتي) * ولولا أن الأمر بالدعاء أمر بمطلق العبادة لما بقي لقوله * (إن الذين يستكبرون عن عبادتي) * معنى، وأيضا الدعاء بمعنى العبادة كثير في القرآن كقوله * (إن يدعون من دونه إلا إناثا) * (النساء: 117) وأجيب عنه بأن الدعاء هو اعتراف بالعبودية والذلة والمسكنة، فكأنه قيل إن تارك الدعاء إنما تركه لأجل أن يستكبر عن إظهار العبودية وأجيب عن قوله إن الدعاء بمعنى العبادة كثير في القرآن، بأن ترك الظاهرة لا يصار