ليلا إنكم متبعون * واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون * كم تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم * ونعمة كانوا فيها فاكهين * كذلك وأورثناها قوما ءاخرين * فما بكت عليهم السمآء والارض وما كانوا منظرين) * اعلم أنه تعالى لما بين أن كفار مكة مصرون على كفرهم، بين أن كثيرا من المتقدمين أيضا كانوا كذلك، فبين حصول هذه الصفة في أكثر قوم فرعون، قال صاحب " الكشاف " قرىء، * (ولقد فتنا) * بالتشديد للتأكيد قال ابن عباس ابتلينا، وقال الزجاج بلونا، والمعنى عاملناهم معاملة المختبر ببعث الرسول إليهم * (وجاءهم رسول كريم) * وهو موسى واختلفوا في معنى الكريم ههنا فقال الكلبي كريم على ربه يعني أنه استحق على ربه أنواعا كثيرة من الإكرام، وقال مقاتل حسن الخلق وقال الفراء يقل فلان كريم قومه لأنه قال ما بعث رسول ألا من أشراف قومه وكرامهم.
ثم قال: * (أن أدو إلى عبدا الله) * وفي أن قولان الأول: أنها أن المفسرة وذلك لأن مجيء الرسول إلى من بعث إليهم متضمن لمعنى القول لأنه لا يجيئهم إلا مبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله الثاني: أنها المخففة من الثقيلة ومعناه وجاءهم بأن الشأن والحديث أدواء، وعبدا الله مفعول به وهم بنو إسرائيل يقول أدوهم إلى وأرسلوهم معي وهو كقوله * (فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم) * (طه: 47) ويجوز أيضا أن يكون نداء لهم والتقدير: أدوا إلى عباد الله ما هو واجب عليكم من الإيمان، وقبول دعوتي، وأتباع سبيلي، وعلل ذلك بأنه * (رسول أمين) * قد ائتمنه الله على وحيه ورسالته وأن لا تعلوا أن هذه مثل الأول في وجيهيها أي لا تتكبروا على الله بإهانة وحيه ورسوله * (إني آتيكم بسلطان مبين) * بحجة بينة يعترف بصحتها كل عاقل * (وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون) * قيل المراد أن تقتلون وقيل * (أن ترجمون) * بالقول فتقولوا ساحر كذاب * (وإن لم تؤمنوا لي) * أي إن لم تصدقوني ولم تؤمنوا بالله لأجل ما أتيتكم به من الحجة، فاللام في لي لام الأجل * (فاعتزلون) * أي خلوا سبيلي لا لي ولا علي.
قال مصنف الكتاب رحمه الله تعالى: إن المعتزلة يتصلفون ويقولون إن لفظ الاعتزال أينما جاء في القرآن كان المراد منه الاعتزال عن