الظلم، وهذا الاستدلال قد ذكرناه مرارا في هذا الكتاب مع الجواب، فلا فائدة في الإعادة.
النوع الثالث: من كلمات هذا المؤمن قوله * (ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: التنادي تفاعل من النداء، يقال تنادي القوم، أي نادى بعضهم بعضا، والأصل الياء وحذف الياء حسن في الفواصل، وذكرنا ذلك في * (يوم التلاق) * (غافر: 15) وأجمع المفسرون على أن * (يوم التناد) * يوم القيامة، وفي سبب تسمية ذلك اليوم بذلك الاسم وجوه الأول: أن أهل النار ينادون أهل الجنة، وأهل الجنة ينادون أهل النار، كما ذكر الله عنهم في سورة الأعراف * (ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة) * (الأعراف: 50)، * (ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار) * (الأعراف: 44)، الثاني: قال الزجاج: لا يبعد أن يكون السبب فيه قوله تعالى: * (يوم ندعوا كل أناس بإمامهم) * (الإسرار: 71)، الثالث: أنه ينادي بعض الظالمين بعضا بالويل والبثور فيقولون * (ويا ويلنا) *، (الأنبياء: 14)، الرابع: ينادون إلى المحشر، أي يدعون الخامس: ينادي المؤمن * (هاؤم اقرأوا كتابيه) * (الحاقة: 19) والكافر * (يا ليتني لم أوت كتابيه) * (الحاقة: 25)، السادس: ينادى باللعنة على الظالمين السابع: يجاء بالموت على صورة كبش أملح، ثم يذبح وينادى يا أهل القيامة لا موت، فيزداد أهل الجنة فرحا على فرحهم، وأهل النار حزنا على حزنهم الثامن: قال " أبو علي الفارسي: التنادي مشتق من التناد، من قولهم ند فلان إذا هرب، وهو قراءة ابن عباس وفسرها، فقال يندون كما تند الإبل، ويدل على صحة هذه القراءة قوله تعالى: * (يوم يفر المرء من أخيه) * (عبس: 34) الآية. وقوله تعالى بعد هذه الآية * (يوم تولون مدبرين) * لأنهم إذا سمعوا زفير النار يندون هاربين، فلا يأتون قطرا من الأقطار إلا وجدوا ملائكة صفوفا، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه.
المسألة الثانية: انتصب قوله * (يوم التناد) * لوجهين أحدهما: الظرف للخوف، كأنه خاف عليهم في ذلك اليوم، لما يلحقهم من العذاب، إن لم يؤمنوا والآخر أن يكون التقدير إني أخاف عليكم - عذاب - يوم التناد وإذا كان كذلك كان انتصاب يوم انتصاب المفعول به، لا انتصاب الظرف، لأن إعرابه إعراب المضاف المحذوف، ثم قال: * (يوم تولون مدبرين) * وهو بدل من قوله * (يوم التناد) * عن قتادة: منصرفين عن موقف يوم الحساب إلى النار، وعن مجاهد: فارين عن النار غير معجزين، ثم أكد التهديد فقال: * (ما لكم من الله من عاصم) * ثم نبه على قوة ضلالتهم وشدة جهالتهم فقال: * (ومن يضلل الله فما له من هاد) *.
قوله تعالى * (ولقد جآءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم فى شك مما جآءكم به حتى إذا