إثبات الإله بقول الإله، بل المقصود منه التنبيه على ما الدليل الحق القاطع في نفس الأمر. ولما ثبت أن الإحياء من الله تعالى، وثبت أن الإعادة مثل الإحياء الأول، وثبت أن القادر على الشيء قادر على مثله، ثبت أنه تعالى قادر على الإعادة، وثبت أن الإعادة ممكنة في نفسها، وثبت أن القادر الحكيم أخبر عن وقت وقوعها فوجب القطع بكونها حقة.
وأما قوله تعالى: * (ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه) * فهو إشارة إلى ما تقدم ذكره في الآية المتقدمة، وهو أن كونه تعال، عادلا خالقا بالحق منزها عن الجور والظلم، يقتضي صحة البعث والقيامة.
ثم قال تعالى: * (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) * أي لكن أكثر الناس لا يعلمون دلالة حدوث الإنسان والحيوان والنبات على وجود الإله القادر الحكيم، ولا يعلمون أيضا أنه تعالى لما كان قادرا على الإيجاد ابتداء وجب أن يكون قادرا على الإعادة ثانيا.
قوله تعالى * (ولله ملك السماوات والارض ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون * وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون * هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إن كنا نستنسخ ما كنتم تعملون * فأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم فى رحمته ذلك هو الفوز المبين * وأما الذين كفروا أفلم تكن ءاياتى تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين) *.
واعلم أنه تعالى لما احتج بكونه قادرا على الإحياء في المرة الأولى، وعلى كونه قادرا على الإحياء في المرة الثانية في الآيات المتقدمة، عمم الدليل فقال: * (ولله ملك السماوات والأرض) *