التحقيق: هؤلاء الكفار كفروا في هذا القول من ثلاثة أوجه أولها: إثبات الولد لله تعالى وثانيها: أن ذلك الولد بنت وثالثها: الحكم على الملائكة بالأنوثة.
المسألة الثانية: قرأ نافع وابن كثير وابن عامر: (عند الرحمن) بالنون، وهو اختيار أبي حاتم واحتج عليه بوجوه الأول: أنه يوافق قوله * (إن الذين عند ربك) * (الأعراف: 206) وقوله * (ومن عنده) * (الأنبياء: 19) والثاني: أن كل الخلق عباده فلا مدح لهم فيه والثالث: أن التقدير أن الملائكة يكونون عند الرحمن، لا عند هؤلاء الكفار، فكيف عرفوا كونهم إناثا؟ وأما الباقون فقرأوا عباد جمع عبد وقيل جمع عابد، كقائم وقيام، وصائم وصيام، ونائم ونيام، وهي قراءة ابن عباس، واختيار أبي عبيد، قال لأنه تعالى رد عليهم قولهم: إنهم بنات الله، وأخبر أنهم عبيد، ويؤيد هذه القراءة قوله * (بل عباد مكرمون) * (الأنبياء: 26).
المسألة الثالثة: قرأ نافع وحده: * (آأشهدوا) * بهمزة ومدة بعدها خفيفة لينة وضمة، أي (أ) أحضروا خلقهم، وعن نافع غير ممدود على ما لم يسم فاعله، والباقون: أشهدوا، بفتح الألف، من (أ) شهدوا، أي أحضروا.
المسألة الرابعة: احتج من قال بتفضيل الملائكة على البشر بهذه الآية، فقال أما قراءة (عند) بالنون، فهذه العندية لا شك أنها عندية الفضل والقرب من الله تعالى بسبب الطاعة، ولفظة * (هم) * توجب الحصر، والمعنى أنهم هم الموصوفون بهذه العندية لا غيرهم، فوجب كونهم أفضل من غيرهم رعاية للفظ الدال على الحصر، وأما من قرأ (عباد) جمع العبد، فقد ذكرنا أن لفظ العباد مخصوص في القرآن بالمؤمنين فقوله * (هم عباد الرحمن) * يفيد حصر العبودية فيهم، فإذا كان اللفظ الدال على العبودية دالا على الفضل والشرف، كان اللفظ الدال على حصر العبودية دالا على حصر الفضل والمنقبة والشرف فيهم وذلك يوجب كونهم أفضل من غيرهم والله أعلم.
قوله تعالى * (وقالوا لو شآء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون * أم ءاتيناهم كتابا من قبله فهم به مستمسكون * بل قالوا إنا وجدنآ ءابآءنا على أمة وإنا على ءاثارهم مهتدون