قوله تعالى * (استجيبوا لربكم من قبل أن يأتى يوم لا مرد له من الله ما لكم من ملجأ يومئذ وما لكم من نكير * فإن أعرضوا فمآ أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ وإنآ إذآ أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور * لله ملك السماوات والارض يخلق ما يشآء يهب لمن يشآء إناثا ويهب لمن يشآء الذكور * أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشآء عقيما إنه عليم قدير) * اعلم أنه تعالى لما أطنب في الوعد والوعيد ذكر بعده ما هو المقصود فقال: * (استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا يمرد له من الله) * وقوله * (من الله) * يجوز أن يكون صلة لقوله * (لا مرد له) * يعني لا يرده الله بعد ما حكم به، ويجوز أن يكون صلة لقوله * (يأتي) * أي من قبل أن يأتي من الله يوم لا يقدر أحد على رده، واختلفوا في المراد بذلك اليوم فقيل يوم ورود الموت، وقيل يوم القيامة لأنه وصف ذلك اليوم بأنه لا مرد له وهذا الوصف موجود في كلا اليومين، ويحتمل أن يكون معنى قوله * (لا مرد له) * أنه لا يقبل التقديم والتأخير أو أن يكون معناه أن لا مرد فيه إلى حال التكليف حتى يحصل فيه التلافي.
ثم قال تعالى في وصف ذلك اليوم * (ما لكم من ملجأ) * ينفع في التخلص من العذاب * (وما لكم من نكير) * ممن ينكر ذلك حتى يتغير حالكم بسبب ذلك المنكر، ويجوز أن يكون المراد من النكير الإنكار أي لا تقدرون أن تنكروا شيئا مما اقترفتموه من الأعمال * (فإن أعرضوا) * أي هؤلاء الذين أمرتهم بالاستجابة أي لم يقبلوا هذا الأمر * (فما أرسلناك عليهم حفيظا) * بأن تحفظ أعمالهم وتحصيها * (إن عليك إلا البلاغ) * وذلك تسلية من الله تعالى، ثم أنه تعالى بين السبب في