المسألة الأولى: قرأ حمزة والكسائي * (أم الكتاب) * بكسر الألف والباقون بالضم.
المسألة الثانية: الضمير في قوله * (وإنه) * عائد إلى الكتاب الذي تقدم ذكره في * (أم الكتاب لدينا) * واختلفوا في المراد بأم الكتاب على قولين: فالقول الأول: إنه اللوح المحفوظ لقوله * (بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ) * (البروج: 22).
واعلم أن على هذا التقدير فالصفات المذكورة ههنا كلها صفات اللوح المحفوظ.
الصفة الأولى: أنه أم الكتاب والسبب فيه أن أصل كل شيء أمه والقرآن مثبت عند الله في اللوح المحفوظ، ثم نقل إلى سماء الدنيا، ثم أنزل حالا بحسب المصلحة، عن ابن عباس رضي الله عنه: " إن أول ما خلق الله القلم، فأمره أن يكتب ما يريد أن يخلق " فالكتاب عنده فإن قيل وما الحكمة في خلق هذا اللوح المحفوظ مع أنه تعالى علام الغيوب ويستحيل عليه السهو والنسيان؟ قلنا إنه تعالى لما أثبت في ذلك أحكام حوادث المخلوقات، ثم إن الملائكة يشاهدون أن جميع الحوادث إنما تحدث على موافقة ذلك المكتوب، استدلوا بذلك على كمال حكمة الله وعلمه.
الصفة الثانية: من صفات اللوح المحفوظ قوله * (لدينا) * هكذا ذكره ابن عباس، و " إنما خصه الله تعالى بهذا التشريف لكونه كتابا جامعا لأحوال جميع المحدثات، فكأنه الكتاب المشتمل على جميع ما يقع في ملك الله وملكوته، فلا جرم حصل له هذا التشريف، قال الواحدي، ويحتمل أن يكون هذا صفة القرآن والتقدير إنه لدينا في أم الكتاب.
الصفة الثالثة: كونه عليا والمعنى كونه عاليا عن وجوه الفساد والبطلان وقيل المراد كونه عاليا على جميع الكتب بسبب كونه معجزا باقيا على وجه الدهر.
الصفة الرابعة: كونه حكيما أي محكما في أبواب البلاغة والفصاحة، وقيل حكيم أي ذو حكمة بالغة، وقيل إن هذه الصفات كلها صفات القرآن على ما ذكرناه والقول الثاني: في تفسير أم الكتاب أنه الآيات المحكمة لقوله تعالى: * (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات من أم الكتاب) * (آل عمران: 7) ومعناه أن سورة حم واقعة في الآيات المحكمة التي هي الأصل والأم.
ثم قال تعالى: * (أفنضرب عنكم الذكر صفحا إن كنتم قوما مسرفين) * وفيه مسائل: المسألة الأولى: قرأ نافع وحمزة والكسائي * (إن كنتم) * بكسر الألف تقديره: إن كنتم مسرفين لا نضرب عنكم الذكر صفحا، وقيل (إن) بمعنى إذ كقوله تعالى: * (وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين) * (البقرة: 278) وبالجملة فالجزاء مقدم على الشرط، وقرأ الباقون بفتح الألف على التعليل أي لأن كنتم مسرفين. المسألة الثانية: قال الفراء والزجاج يقول ضربت عنه وأضربت عنه أي تركته وأمسكت عنه وقوله * (صفحا) * أي إعراضا والأصل فيه أنك توليت بصفحة عنقك وعلى هذا فقوله * (أفنضرب عنكم الذكر صفحا) * تقديره: أفنضرب عنكم إضرابنا أو تقديره أفنصفح عنكم صفحا، واختلفوا