يحى الموتى وهو على كل شىء قدير * وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربى عليه توكلت وإليه أنيب * فاطر السماوات والارض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الانعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شىء وهو السميع البصير * له مقاليد السماوات والارض يبسط الرزق لمن يشآء ويقدر إنه بكل شىء عليم) *.
واعلم أن كلمة (ذلك) للإشارة إلى شيء سبق ذكره فقوله * (وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا) * يقتضي تشبيه وحي الله بالقرآن بشيء هاهنا قد سبق ذكره، وليس هاهنا شيء سبق ذكره يمكن تشبيه وحي القرآن به إلا قوله * (والذين اتخذوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم وما أنت عليهم بوكيل) * (الشورى: 6) يعني كما أوحينا إليك أنك لست حفيظا عليهم ولست وكيلا عليهم، فكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتكون نذيرا لهم وقوله تعالى: * (لتنذر أم القرى) * أي لتنذر أهل أم القرى لأن البلد لا تعقل وهو كقوله * (واسأل القرية) * (يوسف: 82) وأم القرى أصل القرى وهيب مكة وسميت بهذا الاسم إجلالا لها لأن فيها البيت ومقام إبراهيم، والعرب تسمي أصل كل شيء أمة حتى يقال هذه القصيدة من أمهات قصائد فلان، ومن حولها من أهل البدو والحضر وأهل المدر، والإنذار التخويف، فإن قيل فظاهر اللفظ يقتضي أن الله تعالى إنما أوحي إليه لينذر أهل مكة وأهل القرى المحيطة بمكة وهذا يقتضي أن يكون رسولا إليهم فقط وأن لا يكون رسولا إلى كل العالمين الجواب: أن التخصيص بالذكر لا يدل على نفي الحكم عما سواه، فهذه الآية تدل على كونه رسولا إلى هؤلاء