من الشكوك والشبهات.
الوجه السابع: لعله طالع في الصحف التي أنزلها الله تعالى عليه أنه يشرف ولده عيسى بأنه يحيي الموتى بدعائه فطلب ذلك فقيل له * (أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) * على أني لست أقل منزلة في حضرتك من ولدي عيسى.
الوجه الثامن: أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم أمر بذبح الولد فسارع إليه، ثم قال: أمرتني أن أجعل ذا روح بلا روح ففعلت، وأنا أسألك أن تجعل غير ذي روح روحانيا، فقال: أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي على أنك اتخذتني خليلا.
الوجه التاسع: نظر إبراهيم صلى الله عليه وسلم في قلبه فرآه ميتا بحب ولده فاستحيي من الله وقال: أرني كيف تحيي الموتى أي القلب إذا مات بسبب الغفلة كيف يكون إحياؤه بذكر الله تعالى.
الوجه العاشر: تقدير الآية أن جميع الخلق يشاهدون الحشر يوم القيامة فأرني ذلك في الدنيا، فقال: أولم نؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي على أن خصصتني في الدنيا بمزيد هذا التشريف.
الوجه الحادي عشر: لم يكن قصد إبراهيم إحياء الموتى، بل كان قصده سماع الكلام بلا واسطة.
الثاني عشر: ما قاله قوم من الجهال، وهو أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم كان شاكا في معرفة المبدأ وفي معرفة المعاد، أما شكه في معرفة المبدأ فقوله * (هذا ربي) * وقوله * (لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين) * (الأنعام: 77) وأما شكه في المعاد فهو في هذه الآية، وهذا القول سخيف، بل كفر وذلك لأن الجاهل بقدرة الله تعالى على إحياء الموتى كافر، فمن نسب النبي المعصوم إلى ذلك فقد كفر النبي المعصوم، فكان هذا بالكفر أولى، ومما يدل على فساد ذلك وجوه أحدها: قوله تعالى: * (أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) * ولو كان شاكا لم يصح ذلك وثانيها: قوله * (ولكن ليطمئن قلبي) * وذلك كلام عارف طالب لمزيد اليقين، ومنها أن الشك في قدرة الله تعالى يوجب الشك في النبوة فكيف يعرف نبوة نفسه.
أما قوله تعالى: * (أولم تؤمن) * ففيه وجهان أحدهما: أنه استفهام بمعنى التقرير، قال الشاعر:
ألستم خير من ركب المطايا * وأندى العالمين بطون راح والثاني: المقصود من هذا السؤال أن يجيب بما أجاب به ليعلم السامعون أنه عليه السلام كان مؤمنا بذلك عارفا به وأن المقصود من هذا السؤال شيء آخر.
أما قوله تعالى: * (قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) * فاعلم أن اللام في * (ليطمئن) * متعلق بمحذوف، والتقدير: سألت ذلك إرادة طمأنينة القلب، قالوا. والمراد منه أن يزول عنه الخواطر التي تعرض