تفسير الرازي - الرازي - ج ٥ - الصفحة ٥
قلبه إلا بالعربية، وكذا العجمي، وتصورات هذه الحروف وتعاقبها وتواليها لا يكون إلا على مطابقة تعاقبها وتواليها في الخارج، فثبت أنها في أنفسها حروف وأصوات خفية وثانيها: أن فاعل هذه الخواطر من هو؟ أما على أصلنا وهو أن خالف الحوادث بأسرها هو الله تعالى، فالأمر ظاهر وأما على أصل المعتزلة فهم لا يقولون بذلك، وأيضا فلأن المتكلم عندهم من فعل الكلام فلو كان فاعل هذه الخواطر هو الله تعالى، وفيها ما يكون كذبا وسخفا، لزم كون الله موصوفا بذلك تعالى الله عنه، ولا يمكن أن يقال: إن فاعلها هو العبد، لأن العبد قد يكره حصول تلك الخواطر، ويحتال في دفعها عن نفسه مع أنها البتة لا تندفع، بل ينجر البعض إلى البعض على سبيل الاتصال، فإذن لا بد ههنا من شيء آخر، وهو إما الملك وإما الشيطان، فلعلهما يتكلمان بهذا الكلام في أقصى الدماغ، وفي أقصى القلب، حتى إن الإنسان وإن كان في غاية الصمم، فإنه يسمع هذه الحروف والأصوات ثم إن قلنا بأن الشيطان والملك ذوات قائمة بأنفسها، غير متحيزة البتة، لم يبعد كونها قادرة على مثل هذه الأفعال، وإن قلنا بأنها أجسام لطيفة لم يبعد أيضا أن يقال: إنها وإن كانت لا تتولج بواطن البشر إلا أنهم يقدرون على إيصال هذا الكلام إلى بواطن البشر، ولا بعد أيضا أن يقال إنها لغاية لطافتها تقدر على النفوذ في مضايق باطن البشر ومخارق جسمه وتوصل الكلام إلى أقصى قلبه ودماغه، ثم إنها مع لطافتها تكون مستحكمة التركيب، بحيث يكون اتصال بعض أجزائه بالبعض اتصالا لا ينفصل، فلا جرم لا يقتضي نفوذها في هذه المضايق والمخارق انفصالها وتفرق أجزائها وكل هذه الاحتمالات مما لا دليل على فسادها والأمر في معرفة حقائقها عند الله تعالى، ومما يدل على إثبات إلهام الملائكة بالخير قوله تعالى: * (إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا) * (الأنفال: 12) أي ألهموهم الثبات وشجعوهم على أعدائهم، ويدل عليه من الأخبار قوله عليه الصلاة والسلام " إن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة " وفي الحديث أيضا " إذا ولد المولود لبني آدم قرن إبليس به شيطانا وقرن الله به ملكا، فالشيطان جاثم على أذن قلبه الأيسر، والملك جاثم على أذن قلبه الأيمن فهما يدعوانه " ومن صوفية والفلاسفة من فسر الملك الداعي إلى الخير بالقوة العقلية، وفسر الشيطان الداعي إلى الشر بالقوة والشهوانية والغضبية.
المسألة الثانية: دلت الآية على أن الشيطان لا يأمر إلا بالقبائح لأنه تعالى ذكره بكلمة * (إنما) * وهي للحصر، وقال بعض العارفين: إن الشيطان قد يدعو إلى الخير لكن لغرض أن يجره منه إلى الشر وذلك يدل على أنواع: إما أن يجره من الأفضل إلى الفاضل ليتمكن من أن يخرجه من الفاضل إلى الشر، وإما أن يجره من الفاضل الأسهل إلى الأفضل الأشق ليصير ازدياد المشقة سببا
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض) الآية 2
2 قوله تعالى (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) 3
3 قوله تعالى (إنما يأمركم بالسوء والفحشاء) 4
4 قوله تعالى (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله) الآية 6
5 قوله تعالى (ومثل الذين كفروا) الآية 8
6 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم) الآية قوله تعالى (إنما حرم عليكم الميتة والدم) 11
7 الفصل الأول فيما يتعلق بالميتة 15
8 الدباغ، والانتفاع بالميتة 17
9 ذكاة الجنين 19
10 الفصل الثاني في تحريم الدم 21
11 الفصل الثالث في الخنزير 22
12 الفصل الرابع في تحريم ما أهل به لغير الله تعالى 23
13 الفصل السادس في المضطر 24
14 التداوي بالخمر 27
15 قوله تعالى (إن الذين يكتمون ما أنزل الله) الآية 28
16 قوله تعالى (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى) 30
17 قوله تعالى (ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق) الآية 35
18 قوله تعالى (ليس البر أن تولوا وجوهكم) 37
19 قوله تعالى (ولكن البر من آمن) الآية 41
20 قوله تعالى (والموفون بعهدهم إذا عاهدوا) الآية 47
21 قوله تعالى (في البأساء والضراء) الآية 49
22 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص) 50
23 قوله تعالى (الحر بالحر والعبد بالعبد) 54
24 قوله تعالى (فمن عفى له من أخيه شئ) 56
25 قوله تعالى (ذلك تخفيف من ربكم ورحمة) 60
26 قوله تعالى (ولكم في القصاص حياة) الآية 61
27 قوله تعالى (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت) الآية 64
28 قوله تعالى (إن ترك خيرا) الآية 64
29 قوله تعالى (للوالدين والأقربين) الآية 66
30 قوله تعالى (فمن بدله بعد ما سمعه) الآية 69
31 قوله تعالى (فمن خاف من موص جنفا أو إثما) الآية 71
32 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام) الآية 75
33 قوله تعالى (أياما معدودات) الآية 77
34 قوله تعالى (فمن كان منكم مريضا) الآية 80
35 قوله تعالى (وعلى الذين يطيقونه) الآية 86
36 قوله تعالى (فمن تطوع خيرا فهو خير له) 89
37 قوله تعالى (وأن تصوموا خير لكم) الآية 89
38 قوله تعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) الآية 90
39 قوله تعالى (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) 96
40 قوله تعالى (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) الآية 99
41 قوله تعالى (وإذا سألك عبادي عني فاني قريب) الآية 102
42 قوله تعالى (فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي) 111
43 قوله تعالى (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) الآية 112
44 قوله تعالى (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) الآية 116
45 قوله تعالى (علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم) الآية 116
46 قوله تعالى (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم) الآية 118
47 قوله تعالى (وكلوا واشربوا) الآية 119
48 قوله تعالى (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض) الآية 120
49 قوله تعالى (ثم أتموا الصيام إلى الليل) 122
50 الاعتكاف 124
51 قوله تعالى (تلك حدود الله فلا تقربوها) 126
52 حكم الأموال 127
53 قوله تعالى (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) الآية 127
54 قوله تعالى (يسألونك عن الأهلة) الآية 130
55 قوله تعالى (وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها) الآية 136
56 قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم) الآية 139
57 قوله تعالى (واقتلوهم حيث ثقفتموهم) 141
58 قوله تعالى (والفتنة أشد من القتل) الآية 142
59 قوله تعالى (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام) الآية 143
60 قوله تعالى (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة) الآية 145
61 قوله تعالى (الشهر الحرام بالشهر الحرام) 146
62 قوله تعالى (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه) الآية 147
63 قوله تعالى (وأنفقوا في سبيل الله) الآية 148
64 قوله تعالى (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة 149
65 قوله تعالى (وأتموا الحج والعمرة لله) 151
66 قوله تعالى (فإن أحصرتم) الآية 159
67 قوله تعالى (فمن كان منكم مريضا) الآية 165
68 قوله تعالى (من صيام أو صدقة أو نسك) 166
69 قوله تعالى (فما استيسر من الهدى) 167
70 قوله تعالى (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) 169
71 قوله تعالى (تلك عشرة كاملة) الآية 170
72 قوله تعالى (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام) الآية 173
73 قوله تعالى (الحج أشهر معلومات) الآية 175
74 قوله تعالى (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال) الآية 178
75 قوله تعالى (وما تفعلوا من خير يعلمه الله) 183
76 قوله تعالى (فإذا أفضتم من عرفات) الآية 188
77 قوله تعالى (واذكروه كما هداكم) الآية 195
78 قوله تعالى (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس) الآية 197
79 قوله تعالى (واستغفروا الله) الآية 199
80 قوله تعالى (فإذا قضيتم مناسككم) الآية 200
81 قوله تعالى (فاذكروا الله كذكركم آباءكم) 202
82 قوله تعالى (فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا) الآية 204
83 قوله تعالى (ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة) الآية 206
84 قوله تعالى (واذكروا الله في أيام معدودات) الآية 210
85 قوله تعالى (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه) الآية 212
86 قوله تعالى (ومن الناس من يعجبك قوله) 215
87 قوله تعالى (وهو ألد الخصام) الآية 218
88 قوله تعالى (وإذا قيل له اتق الله) الآية قوله تعالى (فحسبه جهنم) الآية 222
89 قوله تعالى (ومن الناس من يشرى نفسه) 223
90 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة) الآية قوله تعالى (فان زللتم من بعد ما جاءتكم البينات) 229
91 قوله تعالى (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله) الآية 231
92 قوله تعالى (وإلى الله ترجع الأمور) 238