حتى يبلغ الهدي محله في الآية مسائل:
المسألة الأولى: * (الحج) * في اللغة عبارة عن القصد وإنما يقال: حج فلان الشئ إذا قصده مرة بعد أخرى، وأدام الاختلاف إليه * (والحجة) * بكسر الحاء السنة، وإنما قيل لها حجة لأن الناس يحجون في كل سنة، وأما في الشرع فهو اسم لأفعال مخصوصة منها أركان ومنها أبعاض ومنها هيئات، فالأركان ما لا يحصل التحلل حتى يأتي به والأبعاض هي الواجبات التي إذا ترك شئ يجبر بالدم، والهيئات ما لا يجب الدم على تركها، والأركان عندنا خمسة: الإحرام والوقوف بعرفة والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، وفي حلق الرأس أو تقصيره قولان: أصحهما أنه نسك لا يحصل التحلل إلا به، وأما الأبعاض فهي الإحرام من الميقات والمقام بعرفة إلى المغرب في قول والبيتوتة بمزدلفة ليلة النحر في قول ورمي جمرة العقبة والبيتوتة بمنى ليالي التشريق في قول ورمي أيامها.
وأما سائر أعمال الحج فهي سنة.
وأما أركان العمرة فهي أربعة: الإحرام، والطواف، والسعي، وفي الحلق قولان، ثم المعتمر بعدما فرغ من السعي فإن كان معه هدي ذبحه ثم حلق أو قصر، ولا يتوقف التحلل على ذبح الهدي.
المسألة الثانية: قوله تعالى: * (وأتموا) * أمر بالإتمام، وهل هذا الأمر مطلق أو مشروط بالدخول فيه، ذهب أصحابنا إلى أنه مطلق، والمعنى: افعلوا الحج والعمرة على نعت الكمال والتمام والقول الثاني: وهو قول أبي حنيفة رضي الله عنه: إن هذا الأمر مشروط، والمعنى أن من شرع فيه فليتمه قالوا: ومن الجائز أن لا يكون الدخول في الشئ واجبا إلا أن بعد الدخول فيه يكون إتمامه واجبا، وفائدة هذا الخلاف أن العمرة واجبة عند أصحابنا، وغير واجبة عن أبي حنيفة رحمه الله حجة أصحابنا من وجوه.
الحجة الأولى: قوله تعالى: * (وأتموا الحج والعمرة لله) * وجه الاستدلال به أن الإتمام قد يراد به فعل الشئ كاملا تاما، ويحتمل أن يراد به إذا شرعتم في الفعل فأتموه، وإذا ثبت الإحتمال وجب أن يكون المراد من هذا اللفظ هو ذاك، أما بيان الإحتمال فيدل عليه قوله تعالى: * (وإذا