التعارض بين مدلول القراءتين، وهو غير جائز الرابع: أنه لما كان قوله: * (والعمرة لله) * معناه: والعمرة عبادة الله، وجب أن يكون العمرة مأمورا بها لقوله تعالى: * (وما أمروا إلا ليعبدوا الله) * (البينة: 5) والأمر للوجوب، وحينئذ يحصل المقصود.
الحجة الثانية: في وجوب العمرة أن قوله تعالى: * (يوم الحج الأكبر) * (التوبة: 3) يدل على وجوب حج أصغر على ما عليه حقيقة أفعل، وما ذاك إلا العمرة بالإتفاق، وإذا ثبت أن العمرة حج، وجب أن تكون واجبة لقوله تعالى: * (وأتموا الحج) * ولقوله: * (ولله على الناس حج البيت) * (آل عمران: 97)) *.
الحجة الثالثة: في المسألة أحاديث منها ما أورده ابن الجوزي في المتفق بين الصحيحين أن جبريل عليه السلام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، فقال: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن تقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج وتعتمر، وروى النعمان بن سالم عن عمر بن أوس عن أبي رزين أنه سأل النبي عليه الصلاة والسلام فقال: إن أبي شيخ كفي أدرك الإسلام، ولا يستطيع الحج والعمرة ولا الظعن، فقال عليه الصلاة والسلام: حج عن أبيك واعتمر، فأمر بهما، والأمر للوجوب، ومنها ما روى ابن سيرين عن زيد بن ثابت أنه عليه الصلاة والسلام قال: " الحج والعمرة فرضان لا يضرك بأيهما بدأت " ومنها ما روت عائشة رضي الله عنها بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين، قالت: قلت يا رسول الله هل على النساء جهاد؟ فقال عليه الصلاة والسلام: عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة. الحجة الرابعة: في وجوب العمر، قال الشافعي رضي الله عنه: اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قبل الحج، ولو لم تكن العمرة واجبة لكان الأشبه أن يبادر إلى الحج الذي هو واجب، وحجة من قال: العمرة ليست واجبة وجوه:
الحجة الأولى: قصد الأعرابي الذي سأل الرسول عليه الصلاة والسلام عن أركان الإسلام فعلمه الصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، فقال الأعرابي: هل على غير هذا؟ قال: لا إلا أن تطوع، فقال الأعرابي: لا أزيد على هذا ولا أنقص، فقال عليه الصلاة والسلام: أفلح الأعرابي إن صدق، وقال عليه الصلاة والسلام: " بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت " وقال عليه الصلاة والسلام: " صلوا خمسكم وزكوا أموالكم وحجوا بيتكم تدخلوا جنة ربكم " فهذه أخبار مشهورة كالمتواترة فلا يجوز الزيادة عليها ولا ردها، وعن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن العمرة أواجبة هي أم لا؟ فقال: لا وإن تعتمر خير لك، وعن معاوية