الفرزدق فأمر سليمان بإشخاص الفرزدق على أفظع الوجوه مكبلا مقيدا فلما حضر وما كان به من الرمق إلا مقدار ما يقيمه على الرجل من شدة الهيبة فقال له سليمان بن عبد الملك: أنت القائل: لقد ضاع شعري على بابكم * كما ضاع در على خالصة فقال ما قلته هكذا وإنما غيره على من أراد بي مكروها وإنما قلت: وخالصة من وراء الستر تسمع: لقد ضاء شعري على بابكم * كما ضاء در على خالصة فسرى عن خالصة فلم تملك نفسها أن خرجت من الستر فألقت على الفرزدق ما كان عليها من الحلي وهي زيادة على ألف ألف درهم فأتبعه سليمان بن عبد الملك حاجبه لما خرج من عنده حتى اشترى الحلي من الفرزدق بما ألف ورده على خالصة " ه " دعا المنصور أبا حنيفة يوما فقال الربيع وهو يعاديه يا أمير المؤمنين هذا يعني أبا حنيفة يخالف جدك حيث يقول: الاستثناء المنفصل جائز وأبو حنيفة ينكره فقال أبو حنيفة هذا الربيع يقول ليس لك بيعة في رقبة الناس فقال كيف؟ قال أنهم يعقدون البيعة لك ثم يرجعون إلى منازلهم فيستثنون فتبطل بيعتهم فضحك المنصور وقال: إياك يا ربيع وأبا حنيفة فلما خرج فقال الربيع يا أبا حنيفة سعيت في دمي فقال أبو حنيفة كنت البادي وأنا المدافع. ويحكى أن مسلما قتل ذميا عمدا فحكم أبو يوسف بقتل المسلم به فبلغ زبيدة ذلك فبعثت إلى أبي يوسف فقالت: إياك وأن تقتل المسلم وكانت في عناية عظيمة بأمر المسلمين فلما حضر أبو يوسف وحضر الفقهاء وجئ بأولياء الذمي والمسلم فقال له الرشيد أحكم بقتله فقال يا أمير المؤمنين هو مذهبي غير أني لست أقتل المسلم به حتى تقوم البينة العادلة أن الذمي يوم قتله المسلم كان ممن يؤدي الجزية فلم يقدروا عليه فبطل دمه " ز " دخل الغضبان على الحجاج بعدما قال لعدوه عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث تغد بالحجاج قبل أن يتعشى بك فقال له ما جواب السلام عليك؟ فقال وعليك السلام ثم فطن الحجاج، وقال: قاتلك الله يا غضبان، أخذت لنفسك أمانا بردي عليك أما والله لولا الوفاء والكرم، لما شربت الماء البارد بعد ساعتك هذه. فانظر إلى فائدة العلم في هذه الصورة فلله در العلم ومن به تردى، وتعسا للجهل ومن في أوديته تردى " ح " بلغ عبد الملك بن مروان قول الشاعر: ومنا سويد والبطين وقعنب * ومنا أمير المؤمنين شبيب فأمر به فأدخل عليه، فقال أنت القائل ومنا أمير المؤمنين شبيب؟ فقال: إنما قلت ومنا أمير المؤمنين شبيب، بنصب الراء فناديتك واستغثت بك، فسرى عن عبد الملك وتخلص الرجل من الهلاك بصنعة يسيرة عملها بعلمه، وهو أنه حول الضمة فتحة. " ط " قال أبو مسلم: صاحب الدولة لسليمان بن كثير: بلغني أنك كنت في مجلس وقد جرى بين يديك ذكرى، فقلت: اللهم سود وجهه واقطع عنقه وأسقني من دمه، فقال: نعم قلته، ولكن في كرم كذا لما نظرت إلى الحصرم فاستحسن
(١٩٥)