واعلم أنه تعالى ذكر في هذه السورة أمر الماء والنار وذكر في النمل أمر الهواء بقوله: * (أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر) * إلى قوله: * (أمن يبدؤ الخلق ثم يعيده) * (النمل: 64) وذكر الأرض في الحج في قوله: * (وترى الأرض هامدة) * (الحج: 5) فكأنه سبحانه وتعالى بين أن العناصر الأربعة على جميع أحوالها شاهدة بإمكان الحشر والنشر.
النوع الثاني: من الدلائل الدالة على إمكان الحشر: هو أنه تعالى يقول: لما كنت قادرا على الإيجاد أولا فلأن أكون قادرا على الإعادة أولى. وهذه الدلالة تقريرها في العقل ظاهر، وأنه تعالى ذكرها في مواضع من كتابه، منها في البقرة: * (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون) * (البقرة: 28) ومنها قوله في سبحان الذي: * (وقالوا أئذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا قل كونوا حجارة) * (الإسراء: 49، 50) إلى قوله: * (قل الذي فطركم أول مرة) * ومنها في العنكبوت: * (أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده) * (العنكبوت: 19) ومنها قوله في الروم: * (وهو الذي يبدؤ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى) * (الروم: 27) ومنها في يس: * (قل يحييها الذي أنشأها أول مرة) * (يس: 79)، النوع الثالث: الاستدلال باقتداره على السماوات على اقتداره على الحشر. وذلك في آيات منها في سورة سبحان: * (أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم) * (الإسراء: 99) وقال في يس: * (أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم) * (يس: 81) وقال في الأحقاف: * (أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعيي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير) * (الأحقاف: 33) ومنها في سورة ق: * (أئذا متنا وكنا ترابا) * إلى قوله: * (رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج) * (ق: 11) ثم قال: * (أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد) * (ق: 15) النوع الرابع: الاستدلال على وقوع الحشر بأنه لا بد من إثابة المحسن وتعذيب العاصي وتمييز أحدهما من الآخر بآيات، منها في يونس * (إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدؤ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط) * (يونس: 4) ومنها في طه: * (إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزي كل نفس بما تسعى) * (طه: 15) ومنها في ص: * (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل الذين كفروا من النار. أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار) * (ص: 27، 28) النوع الخامس: الاستدلال بإحياء الموتى في الدنيا على صحة الحشر والنشر فمنها خلقه آدم عليه الصلاة والسلام ابتداء ومنها قصة البقرة وهي قوله: * (فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى) * (البقرة: 73) ومنها قصة إبراهيم عليه السلام * (رب أرني كيف تحيي الموتى) * (البقرة: 26) ومنها قوله: * (أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها) * (البقرة: 259) ومنها قصة يحيى وعيسى عليهما السلام فإنه تعالى استدل على إمكانهما بعين ما استدل به على جواز الحشر حيث قال: * (وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا) * (مريم: 9) ومنها في قصة أصحاب الكهف ولذلك قال: * (ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها) * (الكهف: 21) ومنها قصة أيوب عليه السلام وهي قوله: * (وآتيناه أهله) * يدل على