في الحال وخطر، وإن كنا نعتقد أن الاعجاز في بعض القرآن أظهر، وفى بعضه (1) أدق وأغمض. والكلام في هذا الفصل يجئ بعد هذا.
فاحفظ عنا في الجملة ما كررنا، والسير بعد ذلك في التفصيل إليك، وحصل ما أعطيناك من العلامة، ثم النظر عليك.
* * * قد اعتمدنا على أن الآيات تنقسم إلى قسمين:
أحدهما: ما يتم بنفسه، أو بنفسه وفاصلته، فينير في الكلام إنارة النجم في الظلام.
والثاني: ما يشتمل على كلمتين أو كلمات، إذا تأملتها وجدت كل كلمة منها في نهاية البراعة، وغاية البلاغة.
وإنما يبين ذلك بأن تتصور هذه الكلمة مضمنة بين أضعاف كلام كثير، أو خطاب طويل، فتراها ما بينها (2) تدل على نفسها، / وتعلو على ما قرن بها (3) لعلو جنسها، فإذا ضمت إلى أخواتها، وجاءت في ذواتها، أرتك القلائد منظومة، كما كانت تريك - عند تأمل الافراد منها - اليواقيت منثورة، والجواهر مبثوثة (4).
ولولا ما أكره من تضمين القرآن في الشعر لأنشدتك ألفاظا وقعت مضمنة، لتعلم كيف تلوح (5) عليه، وكيف ترى بهجتها في أثنائه، وكيف تمتاز منه، حتى إنه لو تأمله من لم يقرأ القرآن لتبين أنه أجنبي من الكلام الذي تضمنه، والباب الذي توسطه، وأنكر مكانه، واستكبر موضعه.
ثم تناسبها في البلاغة والابداع، وتماثلها في السلاسة والأغراب، ثم انفرادها بذلك الأسلوب، وتخصصها بذلك الترتيب، ثم سائر ما قدمنا ذكره، مما نكره إعادته.
وأنت ترى غيره من الكلام يضطرب في مجاريه، ويختل تصرفه في معانيه،