ومنهاجه معيبا، ونطاق قوله ضيقا، حتى يستعين بكلام غيره، ويفزع إلى ما يوشح به كلامه، من بيت سائر، ومثل (1) نادر، وحكمة ممهدة منقولة، وقصة عجيبة مأثورة. وأما كلامه في أثناء ذلك فسطور قليلة، وألفاظ يسيرة، فإذا أحوج إلى تطويل الكلام خاليا عن شئ يستعين به - فيخلط بقوله من قول غيره - كان كلاما (2) ككلام غيره.
فإن أردت أن تحقق هذا، فانظر في كتبه في " نظم القرآن " وفى " الرد على النصارى " وفى " خبر الواحد " وغير ذلك مما يجرى / هذا المجرى، هل تجد في ذلك كله ورقة [واحدة] (3) تشتمل على نظم بديع، أو كلام مليح؟
على أن متأخري الكتاب قد نازعوه في طريقته، وجاذبوه على منهجه، فمنهم من ساواه حين ساماه، ومنهم من أبر عليه إذ باراه.
هذا " أبو الفضل بن العميد " قد سلك مسلكه (4)، وأخذ طريقه، فلم يقصر عنه، ولعله قد بان تقدمه عليه (5)، لأنه يأخذ في الرسالة الطويلة فيستوفيها على حدود مذهبه، ويكملها على شروط صنعته، ولا يقتصر على أن يأتي بالأسطر من نحو كلامه، كما ترى " الجاحظ " يفعله في كتبه، متى ذكر من كلامه سطرا أتبعه من كلام الناس (6) أوراقا، وإذا ذكر منه صفحة بنى عليه من قول غيره كتابا.
وهذا يدلك على أن الشئ إذا استحسن اتبع، وإذا استملح قصد له وتعمد (7). وهذا الشئ يرجع إلى الاخذ بالفضل، والتنافس في التقدم.
فلو كان في مقدور البشر معارضة القرآن لهذا الغرض وحده - لكثرت المعارضات، ودامت المنافسات.
فكيف وهناك دواع لا انتهاء لها، وجوالب لأحد لكثرتها / لانهم لو كانوا عارضوه لتوصلوا إلى تكذيبه، ثم إلى قطع المحامين دونه عنه، أو تنفيرهم عليه، وإدخال الشبهات (8) على قلوبهم، وكان القوم يكتفون بذلك عن بذل