اعلم أن هذه القصيدة قد ترددت بين أبيات سوقية مبتذلة، وأبيات متوسطة، وأبيات ضعيفة مرذولة، وأبيات وحشية غامضة مستكرهة، وأبيات معدودة بديعة.
وقد دللنا (1) على المبتذل منها، ولا يشتبه عليك الوحشي المستنكر، الذي يروع السمع، ويهول القلب، ويكد اللسان، ويعبس معناه في وجه كل خاطر، ويكفهر مطلعه على كل متأمل أو ناظر، ولا يقع بمثله التمدح (2) والتفاصح. وهو مجانب لما وضع له أصل الافهام، ومخالف لما بنى عليه التفاهم بالكلام. فيجب أن يسقط عن الغرض المقصود، ويلحق باللغز والإشارات المستبهمة.
* * * فأما الذي زعموا أنه من بديع الشعر، فهو قوله:
ويضحى فتيت المسك فوق فراشها * نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل والمصراع الأخير عندهم بديع، ومعنى ذلك: أنها مترفة متنعمة، لها من يكفيها.
ومعنى قوله: " لم تنتطق عن تفضل "، يقول: لم تنتطق وهي فضل (3) و " عن " هي بمعنى " بعد ". قال أبو عبيدة: لم تنتطق فتعمل، ولكنها تتفضل.
* * * ومما يعدونه من محاسنها:
وليل كموج البحر أرخى سدوله * على بأنواع الهموم ليبتلى. (4)