ولكل شئ طريق يتوصل إليه به، وباب يؤخذ نحوه فيه، ووجه يؤتى منه.
/ ومعرفة الكلام أشد من المعرفة بجميع ما وصفت (1) لك، وأغمض وأدق وألطف.
وتصوير ما في النفس، وتشكيل ما في القلب، حتى تعلمه وكأنك مشاهده، وإن كان قد يقع بالإشارة، ويحصل بالدلالة والامارة، كما يحصل بالنطق الصريح، والقول الفصيح - فللاشارات أيضا مراتب، وللسان (2) منازل. ورب وصف يصور لك الموصوف كما هو على جهته لا خلف فيه، ورب وصف ببر (3) عليه (4) ويتعداه. ورب وصف يقصر عنه.
ثم إذا صدق الوصف انقسم إلى صحة وإتقان، وحسن وإحسان، وإلى إجمال وشرح، وإلى استيفاء وتقريب، وإلى غير ذلك من الوجوه.
ولكل مذهب وطريق، وله (5) باب وسبيل:
فوصف الجملة الواقعة، كقوله تعالى: (لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منم رعبا) (6).
والتفسير كقوله: (ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة / وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا) (7) إلى آخر الآيات في هذا المعنى.
وكنحو قوله: (يا أيها الناس اتقوا ربكم، إن زلزلة الساعة شئ عظيم، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد) (8).
هذا مما يصور الشئ على جهته، ويمثل أهوال ذلك اليوم.
ومما يصور لك الكلام الواقع في الصفة، كقوله حكاية عن السحرة لما توعدهم فرعون بما توعدهم به حين آمنوا: (قالوا لا ضير، إنا إلى ربنا