ولا أتم بلاغة، ولا أحسن براعة، حتى دهشوا حين ورد عليهم، وولهت عقولهم، ولم يكن عندهم فيه جواب غير ضرب الأمثال، والتخرص (1) عليه، والتوهم فيه، وتقسيمه أقساما، وجعله عضين.
وكيف لا يكون أحسن الكلام، وقد قال الله تعالى: (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني، تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله، ذلك هدى الله / يهدى به من يشاء، ومن يضلل الله فما له من هاد) (2).
استغنم فهم هذه الآية، وكفاك، استفد علم هذه الكلمات، وقد أغناك، فليس يوقف على حسن الكلام بطوله، ولا تعرف براعته بكثرة فصوله، إن القليل يدل على الكثير، والقريب قد يهجم بك على البعيد.
ثم إنه سبحانه وتعالى لما علم من عظم شأن هذه المعرفة، وكبر محلها (3)، وذهابها على أقوام - ذكر في آخر هذه الآية ما ذكر، وبين ما بين، فقال: (ذلك هدى الله يهدى به من يشاء). فلا تعلم (4) ما وصفنا لك إلا بهداية من العزيز الحميد، وقال: (ومن يضلل الله فما له من هاد) وقال:
(يضل به كثيرا ويهدى به كثيرا) (5).
وقد بسطنا لك القول رجاء إفهامك.
وهذا " المنهاج " الذي رأيته، إن سلكته، يأخذ بيدك، ويدلك على رشدك، ويغنيك عن (6) ذكر براعة (7) آية آية لك.
واعلم أنا لم نقصد فيما سطرناه من الآيات، وسميناه من السور / والدلالات، ذكر الأحسن (8) والأكشف والأظهر، لأنا نعتقد في كل سورة ذكرناها أو (9) أضربنا عن ذكرها اعتقادا واحدا في الدلالة على الاعجاز، والكفاية في التمنع والبرهان. ولكن لم يكن بد من ذكر بعض، فذكرنا ما تيسر، وقلنا فيما اتجه