وهذا من الخفيف. كقول الشاعر:
وفؤادي كعهده بسليمى * بهوى لم يحل ولم يتغير (1) وكما ضمنه في شعره من قوله:
سبحان من سخر هذا لنا * (حقا) وما كنا له مقرنين (2) فزاد فيه حتى انتظم له الشعر.
وكما يقولونه في قوله عز وجل: (والعاديات ضبحا، فالموريات قدحا) (3) ونحو ذلك من القرآن كثير، كقوله: (والذاريات ذروا. فالحاملات وقرا.
فالجاريات يسرا) (4). وهو عندهم شعر من بحر البسيط.
والجواب عن هذه الدعوى التي ادعوها، من وجوه:
/ أولها: أن الفصحاء منهم حين أورد عليهم القرآن، لو كانوا يعتقدونه شعرا، ولم يروه خارجا عن أساليب كلامهم - لبادروا إلى معارضته، لان الشعر مسخر لهم مسهل عليهم، ولهم فيه ما علمت من التصرف العجيب، والاقتدار اللطيف.
فلما لم نرهم اشتغلوا بذلك، ولا عولوا عليه -: علم أنهم لم يعتقدوا فيه شيئا مما يقدره الضعفاء في الصنعة، والمرمدون في هذا الشأن. وإن استدراك من يجئ الآن على فصحاء قريش وشعراء العرب قاطبة في ذلك الزمان وبلغائهم وخطبائهم، وزعمه أنه قد ظفر بشعر في القرآن [وقد] ذهب أولئك النفر عنه وخفى عليهم مع شدة حاجتهم (5) [عندهم] إلى الطعن في القرآن والغض منه والتوصل إلى تكذيبه بكل ما قدروا عليه - فلن يجوز أن يخفى على أولئك، وأن يجهلوه، ويعرفه من جاء الآن، وهو بالجهل حقيق!
إذا كان كذلك، علم أن الذي أجاب به العلماء عن هذا السؤال سديد، وهو أنهم قالوا: إن البيت الواحد وما كان على وزنه لا يكون شعرا، وأقل الشعر