وما اتفق في ذلك من القرآن مختلف الروي، ويقولون: إنه / متى اختلف الروي خرج عن أن يكون شعرا.
وهذه الطرق التي سلكوها في الجواب، معتمدة أو أكثرها.
ولو كان ذلك شعرا لكانت النفوس تتشوف إلى معارضته، لان طريق الشعر غير مستصعب على أهل الزمان الواحد، وأهله يتقاربون فيه، أو يضربون فيه بسهم.
* * * فإن قيل: في القرآن كلام موزون كوزن الشعر، وإن كان غير مقفى، بل هو مزاوج متساوي الضروب، وذلك أحد (1) أقسام كلام العرب.
قيل: من سبيل الموزون من الكلام أن تتساوى أجزاؤه في الطول والقصر، والسواكن والحركات. فإن خرج عن ذلك لم يكن موزونا، كقوله:
رب أخ كنت به مغتبطا * أشد كفى بعرا صحبته تمسكا منى بالود ولا * أحسبه يزهد في ذي أمل (2) تمسكا منى بالود ولا * أحسبه يغير العهد ولا يحول عنه أبدا * فخاب فيه أملى وقد علمنا أن القرآن ليس من هذا القبيل، بل هذا قبيل غير ممدوح، / ولا مقصود من جملة الفصيح، وربما كان عندهم مستنكرا، بل أكثره على ذلك.
وكذلك (3) ليس في القرآن من الموزون الذي وصفناه أو لا وهو الذي شرطنا فيه التعادل والتساوي في الاجزاء، غير الاختلاف الواقع في التقفية. ويبين (4) ذلك أن القرآن خارج عن الوزن الذي بينا، وتتم فائدته بالخروج منه. وأما الكلام الموزون فإن فائدته تتم بوزنه.