قد تصنع لأبواب الصنعة، حتى حشي جميع شعره منها، واجتهد أن لا يفوته بيت إلا وهو يملؤه من الصنعة، كما صنع أبو تمام في لاميته:
متى أنت عن ذهلية الحي ذاهل * * وصدرك منها مدة الدهر آهل (1) تطل الطلول الدمع في كل موقف * وتمثل بالصبر الديار المواثل (2) دوارس لم يجف الربيع ربوعها * ولا مر في أغفالها وهو غافل (3) / فقد سحبت فيها السحاب ذيولها * وقد أخملت بالنور تلك الخمائل (4) تعفين من زاد العفاة إذا انتحى * على الحي صرف الأزمة المتماحل (5) لهم سلف سمر العوالي وسامر * وفيهم جمال لا يغيض وجامل (6) ليالي أضللت العزاء وخزلت * بعقلك آرام الخدور العقائل (7) من الهيف لو أن الخلاخيل صيرت * لها وشحا جالت عليه الخلاخل (8) مها الوحش إلا أن هاتا أوانس * قنا الخط إلا أن تلك ذوايل (9) هوى كان خلسا إن من أطيب الهوى * هوى جلت في أفيائه وهو خامل (10) ومن الأدباء من عاب عليه هذه الأبيات ونحوها على ما قد تكلف (11) فيها من البديع، وتعمل من الصنعة، فقال: قد أذهب ماء هذا الشعر / ورونقه وفائدته،