/ فصل في أن نبوة النبي صلى الله عليه وسلم معجزتها القرآن الذي يوجب الاهتمام التام بمعرفة إعجاز القرآن، أن بنوة نبينا عليه السلام بنيت (1) على هذه المعجزة، وإن كان قد أيد بعد ذلك بمعجزات كثيرة. إلا أن تلك المعجزات قامت في أوقات خاصة، وأحوال خاصة، وعلى أشخاص خاصة. ونقل بعضها نقلا متواترا يقع به العلم وجودا.
وبعضها مما نقل نقلا خاصا، إلا أنه حكى بمشهد من الجمع العظيم وأنهم شاهدوه، فلو كان الامر على خلاف ما حكى لا نكروه، أو لا نكره بعضهم، فحل محل المعنى الأول، وإن لم يتواتر أصل النقل فيه. وبعضها مما نقل من جهة الآحاد، وكان وقوعه بين يدي الآحاد.
فأما دلالة القرآن فهي عن معجزة عامة، عمت الثقلين، وبقيت بقاء العصرين. ولزوم الحجة بها في أول وقت ورودها إلى يوم القيامة على حد واحد، وإن كان قد يعلم بعجز أهل العصر الأول عن الاتيان / بمثله - وجه دلالته، فيغني ذلك عن نظر مجدد في عجز أهل هذا العصر عن الاتيان (2) بمثله. وكذلك قد يغنى عجز أهل هذا العصر عن الاتيان بمثله، عن النظر في حال أهل العصر الأول.
وإنما ذكرنا هذا الفصل، لما حكى عن " بعضهم " أنه زعم أنه وإن كان قد عجز عنه أهل العصر الأول فليس أهل هذا العصر بعاجزين عنه، ويكفي عجز أهل العصر الأول في الدلالة، لانهم خصوا بالتحدي دون غيرهم (3).