إن إلهكم لواحد، رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق، إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب، وحفظا من كل شيطان مارد، لا يسمعون إلى الملا الأعلى ويقذفون من كل جانب، دحورا، ولهم عذاب واصب، إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب) (1).
هذه من الآيات التي قال فيها الله تعالى ذكره: (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني، تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله، ذلك هدى الله يهدى به من يشاء، ومن يضلل الله فما له من هاد) (2).
[ارفع طرف قلبك] (3)، وانظر بعين عقلك، وراجع جلية بصيرتك، إذا تفكرت في كلمة كلمة مما نقلناه إليك، وعرضناه / عليك، ثم فيما ينتظم من الكلمات، ثم إلى أن يتكامل فصلا وقصة، أو يتم حديثا وسورة.
لا، بل فكر في جميع القرآن على هذا الترتيب، وتدبره على نحو هذا التنزيل، فلم ندع ما ادعيناه لبعضه، ولم نصف ما وصفنا (4) إلا في كله، وإن كانت الدلالة في البعض أبين وأظهر، والآية أكشف وأبهر.
وإذا تأملت على ما هديناك إليه، ووقفناك عليه، فانظر هل تجد وقع (5) هذا النور في قلبك، واشتماله على لبك، وسريانه في حسك، ونفوذه في عروقك، وامتلاءك به إيقانا وإحاطة، واهتداءك به إيمانا وبصيرة؟ أم هل تجد الرعب يأخذ منك مأخذه من وجه، والهزة تعمل في جوانبك (6) من لون، والأريحية تستولي عليك من باب؟
وهل تجد الطرب يستفزك للطيف ما فطنت له، والسرور يحركك من عجيب ما وقفت عليه، وتجد في نفسك من المعرفة التي حدثت لك - عزة، وفى أعطافك ارتياحا وهزة، وترى لك في الفضل تقدما وتبريزا، وفى اليقين سبقا وتحقيقا، وترى مطارح الجهال تحت / أقدام الغفلة، ومهاويهم