فإن ادعى ملحد، أو زعم زنديق، أنه لا يقع العجز عن الاتيان بمثل السور القصار أو الآيات بهذا المقدار!
قلنا له: إن الاعجاز قد حصل بما بيناه، وعرف بما وقفنا عليه (1) من عجز العرب عنه.
ثم فيه شئ آخر، وهو: أن هذا سؤال لا يستقيم للملحد (2)، لأنه يزعم أنه ليس في القرآن كله إعجاز، فكيف يجوز أن نناظره على تفصيله (3)؟!
وإذا ثبت لنا معه إعجازه في السور الطوال، قامت الحجة عليه، وثبتت المعجزة، ولا معنى لطلبه لكثرة الأدلة والمعجزات. ونحن نعلم أن (4) إعجاز البعض بما بيناه، والبعض الآخر بأنه (5) إذا ثبت الأصل لم يبق بعد ذلك إلا قولنا، لأنا عرفنا في البعض (6) الاعجاز بما بينا، ثم عرفنا في الباقي بالتوقيف، ونحو ذلك.
وليس بممتنع اختلاف حال الكلام، حتى يكون الاعجاز على بعضه أظهر، وفى بعضه أغمض، ومن آمن ببعض دون بعض كان مذموما، على ما قال الله تعالى: (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض) (7) وقال: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) (8) فظاهره عند بعض أهل التأويل كالدليل على أن الشفاء (9 ببعضه أوقع، وإن كنا نقول: إنه يدل على أن الشفاء 9) في جميعه.
واعلم أن الكلام يقع فيه الأبلغ والبليغ، ولذلك كانوا يسمون الكلمة:
" يتيمة "، ويسمون البيت الواحد: " يتيما " (10).
سمعت إسماعيل بن عباد (11) يقول: سمعت أبا بكر بن مقسم (12) يقول: