جد ربنا إن شاء الله. وإنما عنوا أن حظوته من الملك والسلطان والقدرة والعظمة عالية، فلا يكون له صاحبة ولا ولد، لان الصاحبة إنما تكون للضعيف العاجز الذي تضطره الشهوة الباعثة إلى اتخاذها، وأن الولد إنما يكون عن شهوة أزعجته إلى الوقاع الذي يحدث منه الولد، فقال النفر من الجن: علا ملك ربنا وسلطانه وقدرته وعظمته أن يكون ضعيفا ضعف خلقه الذين تضطرهم الشهوة إلى اتخاذ صاحبة، أو وقاع شئ يكون منه ولد.
وقد بين عن صحة ما قلنا في ذلك إخبار الله عنهم أنهم إنما نزهوا الله عن اتخاذ الصاحبة والولد بقوله: وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا يقال منه: رجل جدي وجديد ومجدود: أي ذو حظ فيما هو فيه ومنه قول حاتم الطائي:
أغزوا بني ثعل فالغزو جدكم * عدوا الروابي ولا تبكوا لمن قتلا وقال آخر:
يرفع جدك إني امرؤ * سقتني إليك الأعادي سجالا وقوله: ما اتخذ صاحبة يعني زوجة ولا ولدا.
واختلفت القراء في قراءة قوله وأنه تعالى فقرأه أبو جعفر القارئ وستة أحرف أخر بالفتح، منها: إنه استمع نفر وأن المساجد لله وأنه كان يقول سفيهنا وأنه كان رجال من الانس وأنه لما قام عبد الله يدعوه وأن لو استقاموا على الطريقة وكان نافع يكسرها إلا ثلاثة أحرف: أحدها: قل أوحي إلي أنه استمع نفر والثانية وأن لو استقاموا، والثالثة وأن المساجد لله. وأما قراء الكوفة غير عاصم، فإنهم يفتحون جميع ما في آخر سورة النجم وأول سورة الجن إلا قوله فقالوا إنا سمعنا، وقوله: قال إنما أدعو ربي وما بعده إلى آخر السورة، وأنهم يكسرون ذلك غير قوله: ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم. وأما عاصم فإنه كان يكسر جميعها إلا قوله: وأن المساجد لله فإنه كان يفتحها، وأما أبو عمرو، فإنه كان يكسر جميعها إلا قوله: وأن لو استقاموا على الطريقة فإنه كان يفتح هذه وما بعدها فأما الذين فتحوا جميعها إلا في موضع القول،