عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا دعوة الرسول عليكم موجبة، فاحذروها.
وقال آخرون: بل ذلك نهي من الله أن يدعوا رسول الله (ص) بغلظ وجفاء، وأمر لهم أن يدعوه بلين وتواضع. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: إنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد:
كدعاء بعضكم بعضا قال: أمرهم أن يدعوا يا رسول الله، في لين وتواضع، ولا يقولوا يا محمد، في تجهم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قال: أمرهم أن يدعوه: يا رسول الله، في لين وتواضع.
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قال: أمرهم أن يفخموه ويشرفوه.
وأولى التأويلين في ذلك بالصواب عندي التأويل الذي قاله ابن عباس، وذلك أن الذي قبل قوله: لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا نهي من الله المؤمنين أن يأتوا من الانصراف عنه في الامر الذي يجمع جميعهم ما يكرهه، والذي بعده وعيد للمنصرفين بغير إذنه عنه، فالذي بينهما بأن يكون تحذيرا لهم سخطة أن يضطره إلى الدعاء عليهم أشبه من أن يكون أمرا لهم بما لم يجر له ذكر من تعظيمه وتوقيره بالقول والدعاء.
وقوله: قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا يقول تعالى ذكره: إنكم أيها المنصرفون عن نبيكم بغير إذنه، تسترا وخفية منه، وإن خفي أمر من يفعل ذلك منكم على رسول الله (ص)، فإن الله يعلم ذلك ولا يخفى عليه، فليتق من يفعل ذلك منكم الذين يخالفون أمر الله في الانصراف عن رسول الله (ص) إلا بإذنه، أن تصيبهم فتنة من الله أو يصيبهم عذاب أليم، فيطبع على قلوبهم، فيكفروا بالله.