يرون بالياء، بمعنى أو لا يرى هؤلاء الذين في قلوبهم مرض النفاق. وقرأ ذلك حمزة:
أو لا ترون بالتاء، بمعنى أو لا ترون أنتم أيها المؤمنون أنهم يفتنون؟
والصواب عندنا من القراءة في ذلك: الياء، على وجه التوبيخ من الله لهم، لاجماع الحجة من قراء الأمصار عليه وصحة معناه: فتأويل الكلام إذا: أو لا يرى هؤلاء المنافقون أن الله يختبرهم في كل عام مرة أو مرتين، بمعنى أنه يختبرهم في بعض الأعوام مرة، وفي بعضها مرتين. ثم لا يتوبون يقول: ثم هم مع البلاء الذي يحل بهم من الله والاختبار الذي يعرض لهم لا ينيبون من نفاقهم، ولا يتوبون من كفرهم، ولا هم يتذكرون بما يرون من حجج الله ويعاينون من آياته، فيعظوا بها ولكنهم مصرون على نفاقهم.
واختلف أهل التأويل في معنى الفتنة التي ذكر الله في هذا الموضع أن هؤلاء المنافقين يفتنون بها، فقال بعضهم: ذلك اختبار الله إياهم بالقحط والشدة. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، ثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: أو لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين قال: بالسنة والجوع.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: يفتنون قال: يبتلون، في كل عام مرة أو مرتين قال:
بالسنة والجوع.
حدثني المثنى، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: أو لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين قال: يبتلون بالعذاب في كل عام مرة أو مرتين.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: يفتنون في كل عام مرة أو مرتين قال: بالسنة والجوع.
وقال آخرون: بل معناه أنهم يختبرون بالغزو والجهاد. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: أو لا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين قال: يبتلون بالغزو في سبيل الله في كل عام مرة أو مرتين.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الحسن، مثله.