تثنوني صدورهم: الشك في الله وعمل السيئات. يستغشون ثيابهم يستكبر، أو يستكن من الله والله يراه، يعلم ما يسرون وما يعلنون.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن رجل، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه قرأ: ألا إنهم تثنوني صدورهم قال عكرمة:
تثنوني صدورهم، قال: الشك في الله وعمل السيئات، فيستغشي ثيابه ويستكن من الله، والله يعلم ما يسرون وما يعلنون.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قراء الأمصار، وهو: ألا إنهم يثنون صدورهم على مثال يفعلون، والصدور نصب بمعنى: يحنون صدورهم ويكنونها.
كما:
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: يثنون صدورهم يقول: يكنون.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثنا عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ألا إنهم يثنون صدورهم يقول: يكتمون ما في قلوبهم.
ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما عملوا بالليل والنهار.
حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ألا إنهم يثنون صدورهم يقول: تثنوني صدورهم.
وهذا التأويل الذي تأوله الضحاك على مذهب قراءة ابن عباس، إلا أن الذي حدثنا هكذا ذكر القراءة في الرواية. فإذا كانت القراءة التي ذكرنا أولى القراءتين في ذلك بالصواب لاجماع الحجة من القراء عليها. فأولى التأويلات بتأويل ذلك، تأويل من قال: إنهم كانوا يفعلون ذلك جهلا منهم بالله أنه يخفى عليه ما تضمره نفوسهم أو تناجوه بينهم.
وإنما قلنا ذلك أولى التأويلات بالآية، لان قوله: ليستخفوا منه بمعنى:
ليستخفوا من الله، وأن الهاء في قوله: منه عائدة على اسم الله، ولم يجر لمحمد ذكر قبل،. فيجعل من ذكره (ص) وهي في سياق الخبر عن الله. فإذا كان ذلك كذلك كانت بأن تكون من ذكر الله أولى. وإذا صح أن ذلك كذلك، كان معلوما أنهم لم يحدثوا أنفسهم أنهم يستخفون من الله إلا بجهلهم به، فلما أخبرهم جل ثناؤه أنه لا يخفى عليه سر أمورهم