ثم قال:
إلا أواري لأيا ما أبينها والنؤى * كالحوض بالمظلومة الجلد فنصب الأواري إذ كان مستثنى من غير جنسه، فكذلك نصب قوم يونس لأنهم أمة غير الأمم الذين استثنوا منهم من غير جنسهم وشكلهم وإن كانوا من بني آدم، وهذا الاستثناء الذي يسميه بعض أهل العربية الاستثناء المنقطع. ولو كان قوم يونس بعض الأمة الذين استثنوا منهم كان الكلام رفعا، ولكنهم كما وصفت.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس، قوله: فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها يقول:
لم تكن قرية آمنت فنفعها الايمان إذا نزل بها بأس الله، إلا قرية يونس.
قال ابن جريج: قال مجاهد: فلم تكن قرية آمنت فنفعها إيمانها كما نفع قوم يونس إيمانهم إلا قوم يونس.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين يقول: لم يكن هذا في الأمم قبلهم لم ينفع قرية كفرت ثم آمنت حين حضرها العذاب فتركت، إلا قوم يونس لما فقدوا نبيهم وظنوا أن العذاب قد دنا منهم، قذف الله في قلوبهم التوبة ولبسوا المسوح وألهوا بين كل بهيمة وولدها، ثم عجوا إلى الله أربعين ليلة. فلما عرف الله الصدق من قلوبهم والتوبة والندامة على ما مضى منهم، كشف الله عنهم العذاب بعد أن تدلى عليهم. قال: وذكر لنا أن قوم يونس كانوا بنينوى أرض الموصل.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: إلا قوم يونس قال: بلغنا أنهم خرجوا فنزلوا على تل وفرقوا بين كل بهيمة وولدها يدعون الله أربعين ليلة، حتى تاب عليهم.