المعبود) ومن كل هذا نخلص إلى أن التوكل لا يكون إلا على الله مع صرف النظر عن عبادة غيره.
وإذا أمعنا النظر في المواجهة التي حدثت بين إبراهيم محطم الأصنام والطاغية نمرود الذي ادعى الربوبية والقدرة على إحياء الناس وإماتتهم، والذي انبهت وتحير في كيفية تنفيذ طلب إبراهيم (عليه السلام) عندما طلب منه أن يجعل الشمس تشرق من المغرب إن كان صادقا في ادعاءاته، مثل هذه الادعاءات التي يندر وجودها حتى في أوساط عبدة الأصنام، لا يمكن أن تصدر إلا من أفراد ذوي عقول ضعيفة ومغرورة وبلهاء كعقل نمرود.
والملفت للنظر أن الضمير العائد على تلك الآلهة الكاذبة في هذه الآيات، إنما جاء بصيغة جمع المؤنث (هن - كاشفات - ممسكات -) وذلك يعود لأسباب:
أولا: إن الأصنام المعروفة عند العرب كانت تسمى بأسماء مؤنثة اللات ومناة والعزى).
ثانيا: يريد البارئ عز وجل بهذا الكلام تجسيد ضعف هذه الآلهة أمامهم، وطبقا لمعتقداتهم، لأنهم كانوا يعتقدون بضعف وعجز الإناث.
ثالثا: لأن هناك الكثير من الآلهة لا روح فيها، وصيغة جمع المؤنث تستخدم عادة بالنسبة إلى تلك الموجودات الجامدة، لذا فقد استفيد منها في آيات بحثنا هذا.
كما يجب الالتفات إلى أن عبارة عليه يتوكل المتوكلون تعطي معنى الحصر بسبب تقدم كلمة (عليه) وتعني أن المتوكلين يتوكلون عليه فقط.
الآية التالية تخاطب أولئك الذين لم يستسلموا لمنطق العقل والوجدان بتهديد إلهي مؤثر، إذ تقول: قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون (1).