وكما أن سمة الحرية والاختيار طريق إلى التكامل، فهي أيضا سنة إلهية لا قبل التغيير.
ولكن العجيب أمر البعض الذين ما زالوا على عقيدة الجبر، وهم يدعون أتباعهم للأنبياء، في حين أن قبول الجبر يساوي في الواقع نفي مضمون دعوة جميع الأنبياء، فلا معنى للتكليف حينئذ، ولا للحساب والسؤال والجواب، ولا النصيحة والموعظة، وبشكل أولى الثواب والعقاب!
ومع عقيدة الجبر لا معنى لتردد الإنسان في أعماله، ولا معنى لندمه وعزيمته على تصحيح الأخطاء!
تشير الآية بعد ذلك إلى وصف أهل الجنة والسعادة حيال أهل النار، فيقول تعالى: ولكن يدخل من يشاء في رحمته والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير.
وعندما يشخص أهل النار بوصف " الظلم " فيبين أن المراد من " من يشاء " في الجملة الأولى هم المجموعة التي لا ترتكب الظلم.
وعلى هذا الأساس يكون أهل العدل هم أصحاب الجنة في مقابل أهل الظلم الذي هم أهل النار.
ولكن ينبغي الانتباه إلى أن " ظالم " هنا، وفي العديد من الآيات القرآنية الأخرى لها معنى واسع ولا تشمل الذين يظلمون غيرهم فقط، بل تشمل الذين يظلمون أنفسهم أيضا، وتشمل المنحرفين عقائديا، وهل هناك ظلم أعلى من الشرك والكفر؟
يقول لقمان لابنه وهو يعظه: يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم (1).