قرآنا عربيا يهدف إلى الإنذار.
صحيح أننا نستفيد من نهاية الآية أي من قوله تعالى: فريق في الجنة وفريق في السعير أن مسؤولية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هي التبشير والإنذار، ولكن بسبب ما للإنذار من تأثير أعمق في نفوس الأفراد المعاندين والجهلة، لذا فإن الآية استندت إلى " الإنذار " مرتين فقط، مع اختلاف بينهما، إذ أن الكلام شمل في المرحلة الأولى إنذار المستمعين، بينما شمل في الثانية تخويفهم من شئ يجب أن يخافوه، يعني القيامة وما فيها من حساب وفضيحة ستكون مؤلمة وصعبة للغاية، بسبب حضور الأشهاد والملائكة والناس (1).
وقد يتساءل البعض هنا: إننا نستفيد من قوله تعالى: لتنذر أم القرى ومن حولها أن الهدف من نزول القرآن هو لإنذار أهل مكة وأطرافها. أفلا يتنافى هذا المعنى مع مفهوم عالمية الإسلام؟
الجواب على هذا الاستفهام يتم من خلال ملاحظة المعنى الذي تستبطنه أم القرى.
إن كلمة " أم القرى " وهي أحد أسماء مكة المكرمة، مؤلفة من كلمتين هما: " أم " وتعني في الأصل الأساس والبداية في كل شئ، ولهذا السبب تسمى الأم بهذا الاسم لأنها أساس وأصل الأبناء.
ثم كلمة " قرى " جمع " قرية " بمعنى أي منطقة معمورة أو مدينة، سواء كانت المدينة كبيرة أم صغيرة، أو مجرد قرية.
وفي القرآن الكريم ثمة أدلة كثيرة على هذا المعنى.
والآن لنر لماذا سميت " مكة " بأم القرى؟