ولكون كلمة (البشرى) جاءت هنا بصورة مطلقة وغير محدودة، فتشمل كافة أنواع البشرى بالنعم الإلهية المادية والمعنوية، وهذه البشرى بمعناها الواسع تختص فقط بالذين اجتنبوا عبادة الطاغوت وعمدوا إلى عبادة الله وحده من خلال إيمانهم به وعملهم الصالح.
وكلمة " طاغوت " من مادة (الطغيان) تعني الاعتداء وتجاوز الحدود، ولذا فإنها تطلق على كل متعد، وعلى كل معبود من دون الله، كالشيطان والحكام المتجبرين (وتستعمل هذه الكلمة للمفرد والجمع) (1).
فعبارة اجتنبوا الطاغوت بمعناها الواسع تعني الابتعاد عن كل أشكال الشرك وعبادة الأصنام وهوى النفس والشيطان، وتجنب الانصياع والاستسلام للحكام المتجبرين الطغاة.
أما عبارة أنابوا إلى الله فإنها تجمع روح التقوى والزهد والإيمان، وأمثال هؤلاء يستحقون البشرى.
ويجب الالتفات إلى أن عبادة الطاغوت لا تعني فقط الركوع والسجود له، وإنما تشمل كل طاعة له، كما ورد في حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) " من أطاع جبارا فقد عبده " (2).
ثم تعرج الآية على تعريف العباد الخاصين فتقول: فبشر عباد (3) الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب.
الآيتان المذكورتان بمثابة شعار إسلامي، وقد بينتا حرية الفكر عند