بين المؤمنين والكافرين، كي توضح حقيقة أن القرآن والوحي السماوي هما كقطرات المطر التي تهطل على الأرض، وكما أن الأرض التي لها الاستعداد هي التي تستفيد من قطرات المطر، فكذلك القلوب المستعدة لبناء ذاتها بالاستعانة بلطف الله، هي - فقط - التي تستفيد من آيات الله، وذلك طبقا لقوله تعالى: أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه (1) كمن هو قاسي القلب لا يهتدي بنور!!
أما القاسية قلوبهم، فهم الذين لا تؤثر بهم المواعظ ولا الوعيد ولا البشرى، ولا الآيات القرآنية المؤثرة، ولا ينمي مطر الوحي الباعث للحياة عندهم ثمار التقوى والفضيلة، وبصورة موجزة يمكن القول بأنهم كالنباتات التي لا طراوة فيها ولا أوراق ولا ثمار ولا ظل.
نعم أولئك في ظلال مبين.
" القاسية " مشتقة من (قسوة) وتعني الخشونة والصلابة والتحجر، لذلك تطلق صفة (قاسية) على الأحجار الصلبة، ويقال للقلوب التي لا تظهر أي استجابة لنور الحق والهداية، ولا تلين ولا تستسلم لها، ولا تسمح بنفوذ نور الحق والهداية إليها (قلوب قاسية).
على أية حال، فإن هذه العبارة جاءت في مقابل (انشراح الصدر) وسعة الروح، لأن الرحابة والاتساع كناية عن الاستعداد للاستقبال، فالشارع والبيت الواسع يمكنهما أن يضما أناسا كثيرين، وكذلك الصدر الواسع والروح المنشرحة، فإنها مستعدة لتقبل حقائق أكثر.
ونقرأ في إحدى الروايات أن ابن مسعود قال: سئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن تفسير هذه الآية: أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه