المسلمين، وحرية الاختيار في مختلف الأمور.
ففي البداية تقول (بشر عباد) ثم تعرج على تعريف أولئك العباد المقربين بأنهم أولئك الذين لا يستمعون لقول هذا وذاك ما لم يعرفوا خصائص وميزات المتكلم، والذين ينتخبون أفضل الكلام من خلال قوة العقل والإدراك، إذ لا تعصب ولا لجاجة في أعمالهم، ولا تحديد وجمود في فكرهم وتفكيرهم، إنهم يبحثون عن الحقيقة وهم متعطشون لها، فأينما وجدوها استقبلوها بصدور رحبة، ليشربوا من نبعها الصافي من دون أي حتى يرتووا.
إنهم ليسوا طالبين للحق ومتعطشين للكلام الحسن وحسب، بل هم يختارون الأجود والأحسن من بين (الجيد) و (الأجود) و (الحسن) و (الأحسن)، وخلاصة الأمر فإنهم يطمحون لنيل الأفضل والأرفع، وهذه هي علامات المسلم الحقيقي المؤمن الساعي وراء الحق.
أما ما المقصود من كلمة (القول) في عبارة يستمعون القول فإن المفسرين أعطوا عدة آراء لتفسيرها، منها:
البعض فسره بأنه يعني (القرآن) الذي يحتوي على الطاعات والمباحات، واقتفاء الأحسن يعني اقتفاء الطاعات.
والبعض الآخر فسرها بأنها تعني مطلق الأوامر الإليهة المذكورة في القرآن وغير المذكورة فيه.
ولكن لم يتوفر أي دليل على هذين التفسيرين، بل أن ظاهر الآية يشتمل كل قول وحديث، فالمؤمنون هؤلاء يختارون من جميع الكلمات والأحاديث ما هو (أحسن)، ليترجموه في أعمالهم.
والطريف في الأمر أن القرآن الكريم حصر في الآية المذكورة أعلاه الذين هداهم الله بأولئك القوم الذين يستمعون القول ويتبعون أحسنه، كما أنه اعتبر العقلاء ضمن هذه المجموعة، وهذه إشارة إلى أن أفراد هذه المجموعة مشمولون