البنات اللاتي تزعمون أنهن لا قيمة لهن؟ فلم لا ينتخب له أبناء؟ وهذا - في الحقيقة - نوع من أنواع الاستدلال وفق ذهنية الطرف المقابل كي يفهم أن كلامه لا أساس له من الصحة.
وقال آخر: إنما يقصد منها لو أن الله كان راغبا في انتخاب ولد له، لكان قد خلق موجودات أخرى أفضل وأرفى من الملائكة.
وبالنظر إلى كون مكانة الأنثى لا تقل عن مكانة الذكر عند البارئ عز وجل، وبالنظر إلى كون الملائكة أو عيسى عليه السلام - والذين اعتبرهم بعض المنحرفين أبناء الله - من الموجودات الشريفة والمحترمة، فإنه لا يعد أي من التفسيرين السابقين مناسبا.
والأفضل هو القول بأن الآية تريد القول: إن الابن مطلوب إما لتقديم العون أو لمؤانسة الروح، وبفرض المحال فإن الله عز وجل لو كان محتاجا لمثل هذا الأمر، لاصطفى لهذا بعضا ممن يشاء من أشرف خلقه، فلم يتخذ ولدا؟
ولكن لكونه الواحد الذي لا نظير له والقاهر والغالب لكل شئ والأزلي والأبدي، فإنه لا يحتاج إلى مساعدة أي أحد، ولا يستوحش من وحدانيته حتى يزيلها عن طريق الأنس مع الآخرين، لهذا فهو منزه ومقدس عن الولد، حقيقيا كان أو منتخبا.
وإضافة إلى ما ذكرناه من قبل، فإن أولئك الجهلة الذين يتصورون أحيانا أن الملائكة هم أبناء الله، وأحيانا أخرى يقولون بوجود نسبة بين الباري، عز وجل والجن، وأحيانا يقولون بأن (المسيح) أو (العزير) هم أبناء الله، يجهلون الكثير من الحقائق الواضحة، فإن كان قصدهم هو الولد الحقيقي:
فأولا: يجب أن يكون الباري تعالى جسما.
ثانيا: التركيب من أجزاء (لأن الوالد جزء من الأب ينفصل عن وجود أبيه).
ثالثا: حتمية وجود شبيه ونظير له (لأن الأولاد على الدوام يشبهون الآباء).