والتوبة، فكل هذه الأمور من الله وتحت تسلط قدرته. وسورة الحمد توضح هذه الحقيقة، لان قراءة العباد المستمر لهذه السورة في صلواتهم اليومية، تجعل العبد على اتصال مباشر مع البارئ، عز وجل، إذ أنه يقرؤها ويطلب من الله - دون أي واسطة - حاجاته منه.
سبل الاستغفار والتوبة، وكذلك طلب العون من البارئ، عز وجل وما ورد في الأدعية المأثورة، كلها تبين أن الإسلام لا يرى وجود واسطة في هذا الأمر، وهذه هي حقيقة التوحيد. حتى أن مسألة الشفاعة والتوسل بأولياء الله مشروطة بإذن البارئ عز وجل وسماحه، وهذا تأكيد على مسألة التوحيد.
ويجب أن تكون العلاقة هكذا، لأن الله سبحانه وتعالى أقرب إلينا من أي شئ، كما يقول بذلك القرآن: ونحن أقرب إليه من حبل الوريد (1)، واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه (2).
وبهذا الشكل فالبارى، عز وجل ليس ببعيد عنا، ولسنا بعيدين عنه كي تكون هناك حاجة للوساطة بين الطرفين، إنه أقرب إلينا من كل قريب، وموجود في مكان وفي أعماق قلوبنا.
وفقأ لهذا فإن عبادة الوسطاء من الملائكة والجن ونظائرهم، أو الأصنام الحجرية والخشبية، عمل باطل لا صحة له، إضافة إلى أنه يعد كفرا بنعمة الله، لأن الذي يهب النعم أجدر بالعبادة من تلك الموجودات الميتة، أو المحتاجة إلى الآخرين من أعلى رأسها إلى أخمص قدمها. لذا يقول القرآن المجيد في نهاية الآية: إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار.
فلا يهديه إلى الطريق الصحيح في هذا العالم، ولا إلى الجنة في العالم الآخر،