التائبين، حيث ورد (كمن ولدته أمه).
وبهذا الشكل فإن القرآن الكريم يبقي أبواب اللطف الإلهي مفتحة أمام كل الناس مهما كانت ظروفهم، والمثال على ذلك الآيات المذكورة آنفا التي تدعو المجرمين والمذنبين بلطف للعودة إلى الله، وتعدهم بإمكانية محو الماضي.
ونقرا في رواية وردت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " التائب من الذنب كمن لا ذنب له " (1).
كما ورد حديث آخر عن الإمام الباقر (عليه السلام) جاء فيه: " التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمقيم على الذنب وهو مستغفر منه كالمستهزئ " (2).
ومن البديهي أن هذه العودة لا يمكن أن تتم بدون قيد أو شرط، لأن البارئ عز وجل حكيم ولا يفعل شيئا عبثا، فإذا كانت أبواب رحمته مفتحة أما عباده، ودعوته إياهم للتوبة مستمرة، فإن وجود الاستعداد عند العباد أمر لابد منه.
ومن جهة أخرى يجب أن تكون عودة الإنسان صادقة، وأن تحدث انقلابا وتغيرا في داخله وذاته.
ومن ناحية ثانية يجب أن يبدأ الإنسان بعد توبته باعمار وبناء أسس الإيمان والعقيدة التي كانت قد دمرت بعواصف الذنوب.
ومن ناحية ثالثة، يجب أن يصلح الإنسان بالأعمال الصالحة عجزه الروحي وسوء خلقه، فكلما كانت الذنوب السابقة كبيرة، عليه أن يقوم بأعمال صالحة أكثر وأكبر، وهذا بالتحديد ما بينه القرآن المجيد في الآيات الثلاث المذكورة أعلاه تحت عنوان (الإنابة) و (التسليم) و (اتباع الأحسن).