المعاني) على أن الوعد بالمغفرة الذي ورد في الآية المذكورة أعلاه ليس مشروطا بشئ غير صحيح، حتى أن الأدلة السبعة عشر التي ذكرها بشأن هذا الموضوع غير مقبولة، لأن فيها تعارضا واضحا مع الآيات التالية، والكثير من هذه الأدلة السبعة عشر يمكن ادغامها في بعضها البعض، ولا يفهم منها سوى أن رحمة الله واسعة تشمل حتى المذنبين، وهذا لا يتعارض مع كون الوعد الإلهي مشروطا، بقرائن الآيات التالية، وسيأتي مزيد بحث في نهاية هذا البحث. ترشد المجرمين والمذنبين على أبواب الدخول إلى بحر الرحمة الإلهية الواسع إذ تقول: وأنيبوا إلى ربكم واصلحوا أموركم ومسير حياتكم واسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون.
بعد طي هاتين المرحلتين " الإنابة " و " التسليم "، تتحدث الآية عن المرحلة الثالثة وهي مرحلة (العمل)، إذ تقول: واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون.
وبهذا الشكل فإن مسيرة الوصول إلى الرحمة الإلهية لا تتعدى هذه الخطوات الثلاث:
الخطوة الأولى: التوبة والندم على الذنب والتوجه إلى الله تعالى.
الخطوة الثانية: الإيمان بالله والاستسلام له.
الخطوة الثالثة: العمل الصالح.
فبعد طي هذه المراحل الثلاث يكون الإنسان قد دخل إلى بحر الرحمة الإلهية الواسع طبقا لوعد الله المؤكد مهما كان ذلك الإنسان مثقلا بالذنوب.
أما بشأن المراد من اتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم فقد ذكر المفسرون تفسيرات متعددة. والتفسير الذي هو أفضل من البقية هو أن أوامر متعددة ومختلفة نزلت من عند البارئ عز وجل، البعض منها واجب والآخر مستحب، والبعض الآخر مباح، والمراد من (أحسن) هو انتخاب الواجبات