منصرفا، فأتاني الشيطان فأقبل يزينها لي... ولم أملك نفسي حتى جامعتها وتركتها مكانها. فإذا أنا بصوت من ورائي يقول: يا شاب ويل لك من ديان يوم الدين،... فما أظن أني أشم رائحة الجنة أبدا فما ترى يا رسول الله.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): تنحى عني يا فاسق، إني أخاف أن أحترق بنارك، فما أقربك من النار!...
فذهب فأتى المدينة فتزود منها ثم أتى بعض جبالها متعبدا فيها، ولبس مسحا وغل يديه جميعا إلى عنقه، ونادى: يا رب هذا عبدك (بهلول) بين يديك مغلول...
ثم قال: اللهم ما فعلت في حاجتي إن كنت استجبت دعائي وغفرت خطيئتي فأوح إلى نبيك، وإن لم تستجب لي دعائي... فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) والذين إذا فعلوا فاحشة... (1).
الظاهر أن تلاوة جبرائيل لهذه الآية هنا لم تكن لأول مرة كي تعد من أسباب النزول، وإنما هي آية مكررة ونزلت من قبل، وتكرارها إنما هو للتأكيد وجلب الانتباه أكثر، وإعلان عن قبول توبة ذلك الرجل المذنب. ونكرر مرة أخرى: إن مثل أولئك الأشخاص الذين يحملون على أكتافهم ذنوبا ثقيلة عليهم أداء واجبات كثيرة لمحو آثار الماضي.
وقد ذكر " الفخر الرازي " أسبابا أخرى لنزول هذه الآيات إذ قال: إنها نزلت في أهل مكة حيث قالوا: يزعم محمد أن من عبد الأوثان وقتل النفس لم يغفر له، وقد عبدنا وقتلنا، فكيف نسلم؟! (2).
* * *